“غلالة الشمس”… نشيدُ أناشيد سحر حيدر وسِفرُ تكوينها

Views: 568

د. كلوديا شمعون أبي نادر

“الصّحراء، الوهم، الصّمت، الهذيان، الرّحيل، الغوغائيّة، الرؤى، المستحيل، والسراب”، عناوينُ تتقاطعُ مع عنوانِ الكتاب “غلالة الشمس”. هي الشمس الحقيقيةُ المطلقة، ورمز للألوهةِ، والأهمُ يُنبوع الحياة.

هي الشمسُ مرادفةٌ لآلهة أبطال، أوزيريس ( Osiris ) الفرعونيّ، وبَعَلْ ( Baal ) الكنعانيّ، وميترا ( Mithra) الفارسيّ، وأبولون ( Apollon ) الإغريقيّ، وأوتو ( Utu ) في حضارة ما بين النهرين.

هي غلالة سحر حيدر تعانق شمس عِلّةِ وجودها، حبيبها المتألّه احتجابًا.

ثلاث كلمات تتردّد كلازمة مأسويّة: العصفور، الأنوثة، والرجولة.

هو العصفورُ لسيمورغ ( Simorg) الأنويّ للشاعرة سحر حيدر في تحليقها السرابيّ نحو جبل قاف. وما ترحالها سوى هذيانِ في وهم صحراء العمر. أمّا الأنوثة فلها حكايةٌ شهرزاديّة لبست عباءة الوقت كي تخلعه عند كلّ سَحَر زمنًا شهرياريًا!

هنّ النساءُ، كما في الإنجيل، مقدّرٌ لهنَّ أن يكنَّ حاملات الطيب!

هي المرأة مستقبل الرجل ” كما يقول Aragon .

تقول الشاعرة:” أنوثتي

في كلّ الجهاتِ

فلشتها رجولته” (ص 36)

ها الرجل قُبلة دوار الشمسِ يسطعُ لامبالاةً عمّن حولهُ، ولهبَهُ يُشعِلُ الشغفَ حرائقَ تلتهمها ألسنتها فتتلوى كحيّةٍ سالوميّة؛ منِ الجلاّد، منِ الضحيّة؟ من السيّدُ، منِ الأمة؟ وهل استلابُ القلبِ عنوةٌ أم اندحارٌ طوعيّ؟

تقول الشاعرة:” أعلنتُ عليكَ

عنوةً،

شوقًا لن تُدرِكهُ! ( ص 40)

سحر حيدر

إلى “أرجوحةِ أحزانكِ”، و”عاشقُ إرباكك” تُصلّينَ، علّ الوجدَ يستحيلُ قربانَ هيامٍ، أو “دروب دوارٍ”، أو ” لعبة الحلمِ المستحيل”.

هي الرجولة تنحتينَ تقاسيمها على تقاسيمِ إعصاريّةِ غرامك الإقتلاعيّ، أما قلتِ:

” طيفك يجتاحني كالطوفان

فأنتشي…” ( ص 84)

سحر حيدر

تغوينَ التصحُّرَ واحات- رؤىً لمستحيلٍ تقمّصَ سرابيةً الحلوليّة، علّ التوقَ يولّدُ حنينًا، ويُرهِفُ أحاسيس استفاقت بين أحضان الرّغبةِ الممعنةِ في هناءةِ سباتها الحلزونيّ! أما قلتِ:

“نساؤك أنا، رجالي أنتَ” ( ص 13)

وأضفتِ: ” إنّي عاشقةٌ حتى الوجع” ( ص 56)

       “ويحهُ، باتَ وجودي…

عشقٌ عن مرِّه لن أتنازل” ( ص76)

سحر نبيه حيدر

“غلالة الشمس” نشيدُ أناشيدكِ وسِفرُ تكوينكِ؛ هو الحبّ عِلّة وجودِكِ ومنتهى منتهاكِ. تقولين :

” سكني أنت ودفءُ مواقدي

روحُ رياحيني وفيض اندهاشي.” ( ص 44)

أيا صديقتي،

أيتها المتصوّفة الشفيفة، المتناثرةُ حتى الرّحيق، والعبِقَةُ حتى العِطر، والروحانيّةُ حتى الصلاة، والراغبةُ حتى الزهد، والعاشقةُ حتى الوجد، واليائسةُ حتى الرّجاء،

أيا سحر، أيّتها العرّافةُ، تحملين قدريّة اسمكِ وتبعيّة انبلاجك الاستشرافيّ!

وما بين ال “هو” والإله الأحد، تسمو روحك كي ينتفي الجسّد! أما قلتِ:

“خبزٌ وخمرٌ…

وابن الله كفايتنا!!!” ( ص 85)

دكتورة سحر حيدر،

أيتها الراقيةُ، إيمانكِ المريميّ، وطِهرُ آلامكِ أدنيانكِ من ليتورجيّة الكلمة، ومذبحِ الخلاص.

لكأنّي أسمعكِ تناجين الخالقَ تجويدًا مع الحلاج:

” لبيكَ لبيكَ يا سرّي ونجواني

لبيكَ لبيكَ يا قصدي ومعنائي

أدعوك بل انتَ تدعوني إليك فهلْ

ناديتُ إيّاكَ أم ناجيتُ إيائي”.

****

(*) كلمة رئيسة مجلس الفكر، الدكتورة كلوديا شمعون أبي نادر حول ديوان ” غلالة الشمس” للشاعرة الدكتورة سحر حيدر- الجامعة الأنطونية – بعبدا- 7 حزيران 2019.

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *