سجلوا عندكم

لتكن مشيئتك

Views: 1097

خليل الخوري

مَن، في لبنان، لا يعرف الشابّة الجميلة الخلوقة  ميشيل حجل؟ أو لم يعرف عنها؟ أو لم يستمع إليها عبر أثير الإذاعات وشاشات التلفزة، وهي التي  خاضت نضالًا مريراً ضدّ السرطان؟!

سنوات، وهذه الشابة، أنيقة المظهر والكلمة والطوية، أعلنت حرباً دفاعية ضدّ «هاك المرض»، ولم يكن لديها من سلاح، أقوى من الأدوية، سوى سلاح الإرادة الصلبة.

لم تفارق البسمة شفتيها، ولم تبدُ مرة واحدة تتذمّر أو تشكو أو تغضب.

ضربها الداء «الخبيث» وتفشّى في جسمها، فازدادت  إيماناً بالخالق القدير، وبقدر ما قاومت المرض وناضلت في مواجهته  وغلبته مرتين بقدر ما استسلمت الى العناية الإلهية، وتعاملت مع وضعها الصحّي من دون أن تفقد الأمل، متمسكة بالرجاء،  فتمكّنت من التعايش مع وضعها بمضاعفة حبها للآخر، وبالحرص على رونق المظهر وبياض القلب!

جميلة كانت هذه الصبيّة التي رحلت أمس. وآذن لنفسي أن أقول إنها ازدادت جمالاً عندما فقدت شعرها، وارتضت تلك الصلعة التي هي ملازمة لمن يلتزم بجرعات الدواء المرّة!

برضى، هو بركة ونعمة من الله سبحانه تعالى، تقبلت  وضعها، وقساوة الحال التي آلت إليها وأعدّت نفسها للانتقال الى باريها، من دون أي زهدٍ مصطنع، أو أي استدرار لعاطفة أو شفقة.

كانت تعرف خطورة ودقة ما تعاني، ولكنها لم تشأ، ولو لوقت  قصير، أن تعتزل حب الحياة… وظلت تقاوم حتى اللحظة الأخيرة، الى أن شاء ربك أمراً كان مقضياً.

شكلت الحسناء ميشيل حجل مثلاً يحتذى لمن شاءت أقدراهم أن يقعوا بين فكّي السرطان بحالاته المتقدّمة بالوعي والاتزان، والصلابة، والتحمل، والعقل الرزين على براءة الأطفال.

 أمس ألقت ميشيل آخر أسلحتها مكرهة… وبرغم وفاتها في ريعان الصبا، «أعطت الأمل والقوة» الى الكثيرين من مرضى السرطان، تاركة لوعة وحرقة في القلوب. ليس فقط قلوب أهلها وذويها المفجوعين بها وبرحيلها القاسي، بل أيضاً في قلوب جميع معارفها والكثر الكثر من الذين أحبوها وقدّروها من خلال متابعتها في وسائط  الإعلام التي كانت تستضيفها في مناسبات عديدة.

 وتأثرتُ بالغ التأثر لما كتبته شقيقتها بولا على صفحتها عبر فايسبوك، مخاطبة إياها بقولها: «ضلّي اضحكي من عندو، من فوق… نيّالك يا حرقة قلبنا، يا نعمة زرتينا ورحتي بسرعة. نيالك، يا رب بس أخدتا كثير بكّير !!!!!!!!! آخ».

وأمّا خطيبها مارون فكتب على صفحته عبر تطبيق أنستغرام «ربحتُ ملاكاً» وأرفق هاتين الكلمتين بصورتين تجمعهما.

ويبقى السؤال: هؤلاء العلماء الذين يعكفون، طوال عقود وعقود، على البحث عن دواء للسرطان هل هم عاجزون؟

أو إننا يجب أن نصدق ما يكتب ويقال عن أن وراء الأكمة ما وراءها من تجارة قذرة بحياة الناس؟!

فلتكن مشيئتك يا الله…

****

(*) جريدة الشرق، 18 حزيران 2019. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *