ليلة المعنى
ميشلين مبارك
أتيت الى ليلة شهرياد السابعة والعشرين بعد المئتين ككل ليلة ثلاثاء، إلاّ أنّ ذلك الثلاثاء في السادس من آب 2019 لم يكن شبيها بغيره. أتيتُ وانا على علم مسبق بأنني سأستمتع بقصائد شعراء كبار من فلسطين.
أتيت من جونيه وانا اللبنانية المارونية التي لا أنتمي الى أي حزب او تيار سياسي، افخر بحريتي وانفتاحي على الآخرين، مدركة بأنّ المثقف من أي بلد او طائفة او لون انتمى عليه ان يحمل غصن سلام لكل الناس. إنما ما لم اتوقعه هو ما سمعته واحسست به في تلك الليلة الشهريادية اصابني في الكيان.
ما زالت الآم الصلب تتأوه بين انامل القصائد، شاهدتُ وجع المنفى ينادي يسوع الناصري، يركض الحنين المنزوف ليلمس طرف ردائه، أعمى الغياب عن اريحا يناجي الخلاص، مخلّع النكبة والنكسة يصلي للشفاء. هناك، على المنبر سمعت صلوات المتألمين، اشعة البخور نادت الصامتين، سقطت كلّ المعاني امام الراحلين. فبتُ أبكي فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، بتُ ابكي كل المتعبين والمرهقين لتنجلي الظلمة ويسطع النور.
في كل كلمة قيلت من المقدمة الى قصائد الشعراء، رأيتُ وجه الوطن المشتت معلقاً فوق مغيب الشمس فوق الصليب الحزين. أسريّتُ الى صديقتي الفلسطينية ان لا تحزن، فما بعد الصلب قيامة، وانْ طالت فلا بدّ من قيامة.
أعترف بأنها كانت ليلة المعنى والمغزى، فيها تحولت دموع التأثر الى ابتسامات محبة.
****
الصورة الرئيسية
ميشلين مبارك وميرا صيداوي
شكرا لهذه المجلة الراقية المنفتحة الرائدة