سجلوا عندكم

قصيدة وتعليق: فيفيان طه واللحظة الهاربة إلى عالم البوح المسكون بالسحر

Views: 85

سمر الخوري

 

لا .. لا للمهادنة…!!!

لا تهاون ولا صلح

بعد اليوم…

لن تسمع غنائي

ملّت شفتاي طعم الملح

لم تعد تعنيني

كل جعب السهام

ولا تنفعني اقواس الرماية

التقليدية…

لن اعود لانكأ الجرح

قوية انا…

ماردة عند اللزوم

لن تغريني بعد اليوم

كل هذي النجوم للسهر

سأهجرها…

اغمض عينَيَّ

واسلمهما لنوم عميق

حتى القلق…

وكل هذا الضجر

لن يغريني لاستسلم

سأرميه خلف ظهري

حديثي الذي كان بمجمله

سلاح غواية…

سألبسه ثياب القتال

وانفخ فيه روحاً 

عكسية

لا إستسلام لسحر عينيك

ولا مهادنة

مع معسول كلامك

ولن اتهاون مع مندوبك للحوار

لا لن يخدعني ثانية

سأجابه بكل ما اوتيت من ارادة

قرار وإتخذته

لاعودة عنه ولارجوع

بلغت سن الرشد

وطال كل شئ بي البلوغ

سأتبع احلامي

ولو بالغتَ في لومي

قراري قطعي

لن اطبّع مع عدو نومي.

                    فيفيان طه

              7/6/ 2019

***

اللحظة الهاربة

لا ..لا للمهادنة..

لا لوقف الحرب. لا للسلام.

ولكن عن أي سلام تتحدث الشاعرة فيفيان طه؟

ترفض الشاعرة السباحة في واحة الليل المكسور. تقرأ في غيوم المسافة آهات مبعثرة عبث بها النوم المهجور.

لا… حرف نفي لحاضر تأبى الشاعرة اكتنازه في ليلكة وجدها اليائس. والنفي يتكرر ثلاث مرات في مطلع القصيدة.

هي قصيدة اللاءات، بامتياز..عشر مرات كأنها لوح الوصايا.

واقتران ال لا بالمصادر نفي مؤكد تلجأ إليه الشاعرة هربا من إمكانية التفكير الواعي أو اللاواعي، من أجل تعديل السلسلة الحياتية.

لا…لا  للمهادنة. نفيان مرتبطان بالحاضر . والحاضر موصول إلى ماض مزيف الخطوات. فللشاعرة اللحظة التي هي فيها. وحين يسقط الحاضر بالضربة القاضية على حلبة الصراع “الطهوي”، تقفز الشاعرة إلى المستقبل نفيا وإيجابا كأن الشاعرة تبني على أنقاض ما هدمت: “لن أعود… لن تغريني.. لن يخدعني.. لن أطبع”. وهي في هذا النفي تضع الأنا في مواجهة الآخر، وتعلن رفض الخضوع لأي لقاء .

ولكنها بعد الهدم تعود إلى البناء. تبني مستقبلا جديدا: “سأجابه.. سأتبع أحلامي”. بيد أنه مستقبل افتراضي، لا جذور له في عالم البوح المسكون بالسحر والبحر والحلم. (https://vivanteliving.com/)

الحلم! إنه الرديف لسحر عينيه. لذلك ترفض الشاعرة ألا  تنام ، لأن النوم يحررها من الرفض/الكبت/الحرمان.

بين الواقع والحلم صوت أنثى تستجيب لإرادة الثورة على اليقظة/الواقع. وهي إرادة  الأنا العليا المرتبطة بفعل بلوغ نفسي، هو سن الرشد الافتراضي :سن الرشد…البلوغ. وكأن الشاعرة ترفض هذا الواقع لأنه يدخلها مباشرة في عمق المواجهة.

عودة من جديد إلى قناع النفي. إنه رفض للواقع من أجل الحلم. هذه هي حركية القصيدة ، أساس بنيتها التركيبية. وهي بنية دائرية مغلقة تبدأ برفض المهادنة وتنتهي برفض التطبيع. والعدو ،كما يظهر في عمق الدلالة البنيوية عدو داخلي، يقودها إلى الأرق، إلى يقظة قسرية . هذه اليقظة التي يحتمها عشق  من طرف واحد، انصهار في الآخر إلى درجة الذوبان الفكري والعاطفي. ويبقى أثره قويا في ذاتها، تخشى حديثه المعسول، وسحر عينيه اللذين تقاوم إغراءاتهما. وحين تشعر بالضعف، تعلن  قرارها القطعي: المواجهة . مواجهتها أناها الواعي بحثا عن ملاذ افتراضي هو النوم والحلم. وذلك لأنهما وسيلتها الوحيدة للفرار إلى عالم بلا قيود.

صديقتي الشاعرة طه، لن تخدعينا ببحثك عن الثورة. فالنوم المنشود هو استسلام الأنا، لحلم يجرؤ على قراءته  التحليل النفسي بكثير من الحذر، وقليل من التأويل.

بين لا ولن، ثنائية المحو والكتابة، النوم واليقظة، إلى عالم تزول فيه كبرياء الشاعرة، وتعلن عدالتها الذاتية : النوم الذي يشبه الموت، حيث يستوي فيه الزمان، وتعتقل اللحظة الهاربة…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *