مِن تَشَكُّلات “الصُّورة” عند “شفيق المَعلوف”

Views: 1368

د.  وجيه فانوس

(رئيس المركز الثقافي الإسلامي)

 ​        ولد  شفيق عيسى المعلوف، في زحلة سنة 1905، وتلقَّى علومه في “الكليَّة الشَّرقيَّة” في تلك المدينة. أسندت إليه، في مطلع حياته، مهمة تحرير جريدة “الف باء” الدِّمشقيَّة؛ ثمَّ كان له أن يهاجر إلى البرازيل، حيث ساهم في تأسيس “العصبة الأندلسيَّة”، وصار من أبرز شعراء العربيَّة في المهجر. توفي سنة 1977، وقد صدرت له أعمال شعريَّة، من بينها”عيناكِ مهرجان” و”ملحمة عبقر”، مِمَّا ساهم في ترك بصمات واضحة له في مسيرة الأدب العربي المعاصر.​

         انْطَلقَ شفيق المعلوف في دُنْيا التَّشكيلِ الشِّعريِّ مِنْ زَادٍ ضخمٍ قلَّما تَسَنَّى إلاَّ لِقلَّةٍ من ناسِ الأدبِ ومبدعيه. فَهُوَ، وقبلَ أي أمر آخر، صاحبُ نَفَسٍ فَنِّيٍّ قويٍّ ينبثق من موهبةٍ فطريَّةٍ في تكوينِ الفِعل الشِّعري، كما يَتَغَلْغَلُ في أبعادِ ثقافةٍ مُعَمَّقةٍ في قراءةِ الشِّعرِ العربي عَبْرَ حِقَبِهِ التَّاريخيَّةِ المُتعدِّدة، ومن خلال تَضَوُّعِهِ في المَسَاراتِ المتنوِّعَةِ لتكوِّنِهِ الجَماليِّ، وباكتشافِ مجالاتِ تَفاعُلِهِ وفِعْلِه مع مُعْظَمِ ما عَرِفَته الحضارةُ العربيَّةُ من نشاطات المُثاقفة والتَّثقيف. وإن كان ثمَّةَ من يسأل عن الدَّليلٍ، فما لَهُ إلاَّ أن يقومَ بجولةٍ، وَلَوْ موجَزَةٍ، في ما كَتَبَهُ شفيق مِنْ مُقَدِّمَةٍ لِـ “عَـبْـقَـر[1].

نعم، لم ينطلق شفيق المعلوف في نَظْمِ الشِّعر وشُغْلِه ومعاناته ومعاينته إلاَّ من ثقافةٍ صَلْبَةٍ أساسيَّة؛ وهي، بعدُ، ثقافةٌ ساعدَ على الارتواءِ من منابِعِها أمرانِ لن يمكنَ إهمال أحدهما أو المرورَ بهِ مروراً عابِراً على الإطلاق. أوَّل الأمرين أنَّ شفيقاً نَشَأ في كَنَفِ والدهِ عيسى،  شيخِ مؤرِّخي الثَّقافةِ العربيَّة في زمانِهِ، وأبرزِ السَّادةِ الَّذين خَبِروا أَسْرَارَ وجودِها فَشَرَّعَتْ لَهُم رِحابَ قُدْسِ أقداسِها، وأَبْدَتْ لَهُمْ مِنْ فَرْحِ حُضورِ المَعْرِفةِ وألقِ الجمالِ وغِنى الأعماقِ ما أسعدَ أيَّامَهُم ومَكَّنَ سراجَ ذِكْرهِم من زَيْتٍ أَبْدي لا يَنْضُب[2]. وثاني هذين الأمرين أنَّ  الموضوعَ لم يقفْ عِنْدَ هذا الحَد، فكما اغتنى شفيقٌ مِنَ ثقافَةِ والِدِهِ عيسى، كانَ له أن يَحْلمَ ويتفاعَلَ مع كُلِّ ذرَّةِ شَوْقٍ في كَيانِهِ إلى اكتشافِ أخيهِ الفقيدِ الشَّاعرِ فوزي[3]، والتَّماهي بهِ، والسَّعي إلى مَزيدٍ مِنَ التَّعرُّف عليهِ، والتباهي بالتَّسامي إلى ما كان يُفترض أن يُتَمِّم السَّيْرَ فيهِ من دُروبِ نَجاحٍ أدبيٍّ، ومناحي عُروج ٍإلى سِدُراتِ الشِّعرِ وفيوضات إبداعاته.

تَشكُّلات الصُّورة عند شفيق المعلوف

شفيقُ المعلوف مُهيَّأٌ، إذاً، بالموهبةِ والتَّربيةِ والثَّقافةِ والمَثَلِ الأعلى، ليكونَ شاعراً أصيلاً، بل جماليَّ شِعْرٍ من طِرازٍ رفيع. ومن هنا، تَبْرُزُ فاعليَّةُ الصُّورةِ في شِعْرِهِ، ويُمْكِنُ الدُّخولُ إلى مجالاتِ رُؤاها، والسَّعيُ إلى استكشافِ بعضِ مفاتيحِ تشكُّلِها. ويمكنُ القولُ إنَّ الصُّورةَ في شِعْرِ شفيق المعلوف تَقَعُ، إجمالاً، ضمنَ منحيين تَشَكُّلِيين؛ يَعْتَمِدُ أحدُهما على التَّراكُمِ السَّرديِّ للجزئيَّات، ويَنْهَضُ ثانيهُما على بِنائيَّةٍ عُضْوِيَّةٍ مُتكامِلَةٍ في ما بينها.

التَّراكم السَّردي للجزئيَّات

يقومُ بعضُ صُوَرِ شفيق المعلوف على ما يُمْكِنُ اعتبارهُ تراكماً سردياً للجُزْئِيَّاتِ، تنبني من خلاله أشكالُ حَدَثٍ أو حالٍ أو عاطفةٍ أو أيِّ واحدٍ آخر مِمَّا يمكنُ أن يشكِّلَ موضوعاً للصُّورة الشِّعريَّة. يبدأ الأمرُ، في ظاهرِهِ، وكأنَه من بابِ الوصف. فيتطرَّقُ الشَّاعرُ إلى تفاصيلَ مُتعددةٍ ومتنوِّعة، يَتَغَلْغَلُ في أجزائها حتَّى الأصغر فالأصغر، أو ينفلتُ إلى تَمَظْهُرِها الخارجي، أو  يَحْكي عن وجودِها في مُحيطِ ما تَرْجِعُ إليهِ أو تنتمي. يُخَيَّلُ الأمرُ للمستقبِلِ، في هذا الحال، وكأنَّ الشَّاعِرَ يَحكي له خبراً عن موضوعِ صورتِهِ، أو هو يجولُ مَعَهُ في أرجائه مُعرِّفاً وموضِّحاً، وقد يُساقُ المُسْتَقْبِلُ إلى أن يعتقد َأنَّ الشَّاعرَ ليسَ، في هذا المقامِ، سوى وصَّافٍ دَقيقٍ؛ بَيْدَ أنَّهُ إذا ما أمعنَ الغَوْصَ في ما يُوصَفُ له اكتشفَ أنَّه أمامَ صورةٍ حيَّةٍ مُتَحَرِّكَةٍ وغَنِيَّةٍ لموضوعٍ ما كانَ لهُ أَنْ يَتَجلَّى إلاَّ بالوصفِ، لَكِنَّهُ ذلكَ الوصفُ الخلاَّبُ الذي يَأْخُذُ بِلُبِّ مُسْتَقْبِلِهِ، يَقودُهُ إلى عَوالِمَ من الرُّؤيَةِ الَّتي لمَ ْيَكُنْ لهذا المُسْتَقْبِلِ أَنْ يكونَ فيها لَوْلاه. إنَّه تَشَكُّلٌ للصُّورَةِ ظاهِرُهُ وَصْفٌ جُزْئيٌّ، وحقيقتُهُ تَكْوينٌ كُلِّيّ. وهنا بَراعةٌ لشفيقِ المعلوف فذَّة، وعطاءٌ جماليٌّ تشكيليٌ لا بُدَّ من إعطائه جوهرَ ما يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الدَّرسِ الأكَّاديميِّ وحُسنِ التَّذوُّقِ الأدبيّ.

من الأمثلةِ على هذهِ الصُّورةِ القائمةِ على التَّراكم السَّرديِّ للجزئيَّاتِ، ما يَجِدُهُ المرءُ في “اسطورة النَّهدين” من ديوان “عيناكِ مِهْرجان“. يُشَكِّلُ الشَّاعرُ، ههنا، ما يُمْكِنُ اعتبارُهُ صورةً لأسطورة نَهْدَيِّ الأُنثى. هي أسطورَتُهُ الخاصَّة؛ لَكِنَّها، ومثلُ أيِّ أسطورةٍ، لا بُدَّ لها من حكايةٍ، وكأيِّ واحدةٍ أُخرى من الحكاياتِ، فهي تقومُ على بِنْيَةٍ سَرْدِيَّةٍ، ومِثْلما في كَثيرٍ من مجالاتِ السَّردِ، فَثَمَّةَ جُزْئِيَّاتٌ لا بُدَّ لَها مِنَ البُروزِ، بَلْ لا بُدَّ لها مِنْ أَنْ تَكونَ أساسَ التَّشكُّل. يَبْدأُ الشَّاعرُ أُسْطورَتَهُ بِحكايةٍ عن حَمامة؛ ذلك الطَّائرُ الوَديعُ الرَّائعُ الوَفِيُّ والمُخْلِصُ، ذلك الطَّائرُ المَخْمَليُّ الجَميلُ، ذلك الطَّائرُ الَّذي كانَ فرحةَ البِشارةِ إلى نوح بِسلامِ الأرضِ واستعدادِها لاستقبالِ النَّاسِ وضَمِّهِم إلى رِحابِ العَيْشِ فيها. إنَّها حَمامَةُ طُهْرٍ، كَما يَقولُ شفيق المعلوف، وهي حمامةٌ لَمْ تَجِد نَفْسَها إلاَّ وَقَدْ غلَّت بِصَدْرِ الأُنثى. والأُنثى، ما هي؟! أَلَيْسَتْ مَنْ أَغْوى آدَمَ بِتُفَّاحَةِ الخَطيئة، فَدَمَغَت وجودَها ووجودَ الدُّنيا بِالإغواءِ والإغراءِ وسِحْرِ الجَمالِ وسِرِّ الفِتْنة؟ فكيفَ الحالُ إذا ما غلَّ الطُّهرُ بالفِتْنَة؟! لا بُدَّ من ذُعْرٍ، ولا بُدَّ من خوفٍ،  ولا بُدَّ من حَذَرٍ، ولا بدَّ من فرارٍ لا يلوي إلاَّ على خَلاصِ الذَّاتِ والنَّجاةِ بها. وما لحظةُ الفَرارِ المذعورِ هذا بلحظةِ عَقْلٍ وتَعَقُّلِ وحُسْنِ حِساب؛ فلا بُدَّ من بعضِ خسائر، ولا بُدَّ من بَعْضِ أمورٍ يَتْرُكُها الفارُّ المذعورُ وراءَهُ مِن غَيْرِ إرادةٍ منه، لكنَّها تبقى لِتَدُلَّ عليهِ، وتُشيرَ إلى حقيقةِ وجودهِ الذي كان فيهِ لحظةَ التَّمَكُّنِ من الفَرار.  وهكذا، وعبر تَصْويرٍ سَرْدِيٍّ دَقيقٍ لِكُلِّ هذهِ الجزئيَّاتِ الحكائيَّة، لا يتشكَّلُ مجرَّد خبرٍ عن حمامةِ الطُّهْرِ حين غلَّت بِجَسَدِ الفِتْنَةِ، بل تَتَمَظْهَرُ صورةٌ رائعةٌ تُشَكِّلُ مَسْرَحَ الحُضورِ الأبديِّ للطُّهرِ في أَعْطافِ إغراءاتِ الفِتْنَةِ الأُنْثَوِيَّة.

أسطورة النَّهدين[4]

 

حمامةُ طُهْرٍ بِصَدْرِكِ غَلَّتْ

فَلمَّا أَحَسَّتْ بِشَعْرِكِ مُرْخَى

لَوَت بِالْجناحَينِ مَذعورةً

تَخالُ غدائرَكِ السُّودَ فَخَّا

وراحَتْ تَشُقُّ الفضاءَ وأَبْقَتْ

على كُلِّ جَنْبٍ مِنَ الصَّدْرِ فَرْخا

 

        ومثلُ هذا كثيرٌ عندَ شفيق المعلوف، وهُوَ ليسَ بغريبٍ عَنْهُ أو عن ثقافتِه. أَمَا كانَ شفيق بَحَّاثَةً مُدَقِّقاً في تاريخِ الأدبِ العَرَبيّ؟ أَوَلَمْ يَكُنْ مِنَ الَّذينَ سَعوا إلى هَضْمِ كثيرٍ من موضوعاتِ هذا التُّراثِ وجُزْئِيَّاتِهِ في تَشَكُّلاتٍ شِعْرِيَّةٍ حوَّلَت السَّردَ التَّاريخيَّ الرَّتيبَ إلى رِحاِبِ جماليَّةِ الشِّعريِّ وفاعليَّتها الخلاَّبةِ والخلاَّقةِ في آن؟ أَمَا نَجَحَ شفيق المعلوف في رَدْفِ مَرْويَّاتِ التَّاريخِ الأسطوريِّ العَرَبيِّ، لِعَرَبِ ما قَبْلَ الإسلامِ، بِفُيوضاتٍ شِعْريَّةٍ جَعَلَتْ الدَّهاليزَ المُعْتِمةَ والمُغْبَرَّةَ والبارِدَةَ لِمتاحِفِ التَّاريخِ تَضُجُّ بِحَيَوِيَّةِ العَيْشِ وصَخَبِ الحَياةِ يَتَضَوَّعُ عَبَقُهُ في ما هُوَ آنِيٌّ يُجَدِّدُ، بِحَيَويَّةِ راهِنيَّتِهِ، ما هو ماضٍ تَليدٍ مُتَجَمِّد؟

     ·          البنائيَّة العضويَّة

يَعْمَدُ شفيق المعلوف في هذا المَنْحى من تَشْكيلِ الصُّورةِ عِنْدَهُ إلى موضوعٍ يقومُ على بناءٍ عُضْويٍّ مُتماسِكٍ فيما بينَ أجزائِه. لَيْسَ الأمرُ، ههنا، سَرْداً تَراكُمِيَّاً لِجُزْئيَّاتٍ، فَلا جُزْئيَّاتٌ البَتَّةَ، بَلْ تَلاحُمٌ عُضْوِيٌّ لا يُمْكِنُ فَصْلُهُ. واقعُ الحالِ، لَيْسَ ثَمَّةَ إخْبارٌ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ وَصْفٌ؛ جُلُّ ما في الأمْرِ حُضورٌ بالكلامِ لِفِكْرَةٍ، وهذهِ الفِكْرَةُ تَقومُ عَلى عَديدٍ مِنَ الأَفْكارِ المُتَرابِطَةِ فِي ما بَيْنَها بِرباطٍ تَسَلْسُليٍّ عُضْوِيٍّ، فَلا وُجودَ لِواحِدَةٍ مِنْ هَذهِ الأفكارِ مِنْ غَيْرِ ما ارتباطٍ لها بالَّتي قَبْلَها والَّتي تَليها. 

مِنْ هذا القَبيلِ، يُمْكِنُ النَّظَرُ في ما سَعى شفيقٌ إلى تَقْديمِهِ في صورَةِ “الشَّهوةِ“، كما يَجِدُها المرءُ في “عَـبْـقـر“. ثَمَّةَ جِنِيَّةٌ، والجِنُّ مَسْتورٌ ومَجْهولٌ ومُتوثِّبٌ وسِريٍّ ومُغْرٍ؛ وهي جِنِيَّةٌ قَدْ رُوِّعَتْ مِنْ أَمْرٍ مَا، فازدادَ ما فيها مِنْ قَلَقٍ وتَوَثُّبٍ وسِرّ. والجِنُّ مَخْلوقٌ مِنَ النّار، فَهُوَ مضيءٌ مِنْ غَيْرِ أنْ يَتَلبَّسَ جَسداً مادِيَّاً؛ وهذا الضُّوءُ المُمَيَّزُ يُوحي وكأنَّه من نورٍ بَحْتٍ أو لَعَلَّهُ من الشَّمسِ الَّتي  لَيْسَتْ سِوى الجُرْمِ الأكبر المَعْروفِ للنَّار، وكأنَّما الشَّمسُ أَلْقَتْ بِنورِها لَظىً تَتَأجَّجُ بِتِلْكَ الرَّوعَةِ العَجيبَةِ لِيَزْدادَ العالمُ إِعْجاباً بِسِرِّها وذُهولاً بِذلكَ التَّدَفُّقِ الدَّائمِ لِحَيوِيَّتِها المُغْرِيَةِ والمُحَيِّرَةِ والفاَتِنَةِ المُفْتِنَة؛ وأيُّ فِتْنَةٍ أَشَدُّ مِنْ تِلْكَ الَّتي تُغْري المَرْءَ بِالنَّظرِ إلى قُرْصِ الشَّمسِ بِعَيْنٍ مُجَرَّدةٍ قَدْ لا يَنالُها مِنْ ذلكَ التوهُّجِ الَخلاَّبُ لِنورِ النَّارِ إلاَّ العمى؟!

الشَّهوة[5]

 

جِنِيَّةٌ تُمْعِنُ في وَثْبِها

كَأنَّ شَيْئاً حَوْلَها رَاعَها

حُلَّتُها كالضَّوءِ شفَّافَةٌ

عَن بَشْرَةٍ تَزيدُ إِشْعَاعَها

كَأنَّما الشَّمسُ الَّتي كَوَّرَت

مِنْ حَلَقاتِ النُّورِ أَضْلاعَها

ألْقَتْ إِلى الأرضِ بِما أَبْدَعَتْ

لِيُكْبِرَ العَالَمُ إِبْدَاعَها

 

        وكذلكَ، فإنَّ مِثْلَ هذا كَثيرٌ عِنْدَ شفيق المعلوف. فشفيقٌ خَبَرَ كَيْفَ يَنْظُرُ إلى الأمورِ بِكُليَّاتِها، وعَرَفَ كَيْفَ تُكَوِّنُ الجُزْئِيَّاتُ، بارتباطاتٍ عُضْوِيَّةٍ في ما بينَها، كُلاًّ هُوَ غَيْرُ الجُزْئِيَّاتِ، وإنْ كانَ مِنْها. وَلَقَدْ عَرَفَ شفيق المعلوف كَيْفَ يكونُ مِثْلُ هذا في أَدَقِّ تَفاصيلِ حَياتِهِ ومَجالاتِ تَثَقُّفِهِ وتَثَاقُفِه. أوَلَيْسَ هُوَ ابنَ المؤرِّخِ الأديبِ عيسى، وشقيق الشَّاعرِ المُلْهَمِ فوزي؟ أَوَ لَيْسَ هو، كذلكَ، من كلِّ تلكَ الأرومةِ المعلوفيَّةِ المُمْعِنَةِ في أعماقِ رِحابِ الأدبِ والتُّراثِ والشِّعر؟ ومَعْ هذا، فَهُوَ غَيْرُ والدِهِ، وغيرُ شقيقِه! لَقَدْ استطاعَ أَنْ يَكونُ مِنْهُما، ولأنَّهُ أَصيلٌ في تَكْوُّنِهِ مِنْهُما، فَلَقَدْ بَرَزَ في وُجودٍ خاصٍ بِهِ وَلَيْسَ بِهِما أوَ ْبأيِّ واحدٍ آخرَ مِنْ ذَويهِ وأَبْناءِ بِيئته.

*********************

 

[1] – شفيق المعلوف، عبقر، منشورات العصبة الأندلسية – دار الطِّباعة والنَّشر العربيَّة، سان باولو، البرازيل، الطَّبعة الرَّبِعَة، 1949. صص. 7-135

[2] – العلاَّمة عيسى اسكندر المعلوف، والد الشعراء فوزي وشفيق ورياض المعلوف، وشيخ مؤرخي الثقافة العربية، والعضو البارز في معظم مجامع اللغة العربية في البلدان العربية.

[3]– فوزي المعلوف، شقيق شفيق، شاعر هاجر إلى البرازيل في مطلع شبابه، ولمع في سماء الشِّعر العربي المُجَدِّد، ثم مضى إلى رحاب ربِّه وهو في ريعان الشباب وأوج العطاء. وكان شفيق، يومذاك، في سني فتوته الأولى، فظل يتحرق شوقاً إلى ذكرى أخيه الفقيد، ويسعى إلى معرفة نتاجه وأحواله. ويجد المرء تفصيلاً رائعاً لهذه الأمور في الكتاب الذي وضعه شفيق المعلوف عن شقيقه الرَّاحِل فوزي.

[4]– شفيق المعلوف، “عَيْناكِ مهرجان…”، منشورات دار الآداب، بيروت، 1960

[5]– شفيق المعلوف، “عبقر”، منشورات العصبة الأندلسيَّة، سان باولو، البرازيل، الطَّبعة الرَّابعة، 1949، ص. 171.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *