شعبي يهتف سلمياً بورود حناجره
سمر الخوري
في بلدي انتفاضة شعب يطالب بحقوق الإنسان
بنظامٍ مدني ديمقراطي
شعبٌ يمتشق حبّه وكرامته ويمضي إلى حريته
يمضي إلى قلبه
يمضي إلى قوس قزحه
هالة نهرا
الفرح الحقيقي
شعبي يهتف سلمياً بورود حناجره قصيدة للشاعرة الناقدة هالة نهرا. والنقد والشعر صنوان، رسالة سامية العنوان، يخطان في الأذهان سطور الثورة.
بالنقد تنظر إلى الوجه في المرآة، وتتساءل: ما درجة الجمال؟ كيف تقرأ القصيدة/الوردة/ العبير/النغم؟
بالشعر تتجلى لك المرآة في صورة الوجه، تتسامق الصورة، ترتدي أوراقا، ألحانا، أحلاما، قضية.
النقد يريك حقيقة القمر. ولكن الشعر ينقل القمر إلى داخلك، تتحد به، تصبحان حقيقة افتراضية، تصبح الحقيقة جملة اعتراضية، قوس قزح، يتلاعب بالمكان والزمان. يصبح القمر في الشعر حقيقة إنسانية.
وتَسأل كناقِد: أهذا هو القمر؟
وتُسأل كشاعر: أهذا وجه الحبيب/ة؟
ويبقى السؤال: أيستطيع الشاعر أن يكون ناقدا؟ وبصيغة أخرى أسأل: أيجدر بالناقد الموضوعي أن يقترف خطيئة الشعر/ الحلم/ الثورة؟
وقبل الجواب أقول: لقد اقترفت صاحبة هذه الأبيات الجريمتين معا. خاضت غمار النقد والشعر في آن. شعرنت النقد، وشرعنت الشعر. وكانت هذه الأبيات. وكان ديوانها الأول، باكورتها الشعرية:
الفرح عنوان الأبد.
كشاعرة أجيب: فرح الشعر شراع ينقل الإنسان، إلى ما وراء الوجود. لا مرساة للشعر. حصان مجنح هو. والفرح طائر فينيق هو،يتجدد إلى نهاية الكون، إذا كان للكون الشعري نهاية.
كشاعرة تعترف هالة نهرا بأن الفرح مهنتها، تحارب به مآسي الوجود، تمتطي صهوته دفاعا عن حقها الطبيعي بالحياة، في مواجهة القهر والحزن والموت. الفرح في حقيقته الافتراضية، كي تعيد خلق العالم من جديد، وتعبد الإنسان إلى جنته المفقودة.
كناقدة أقول: كيف حوّلت الشاعرة فرحها إلى ثورة شعب يمتشق حناجره سيفا في مواجهة الموت؟ وهل تقاوم العين المخرز؟ أيمكن للحب أن يقهر الحقد المتجذر في أعماق سلطة غاشمة؟
وكيف تصبح صرخة شعب يطالب سلميا بالحياة قصائد فرح تهدم هياكل الطغاة، تهدّ جدران أنانياتهم الوحشبة؟
في أبيات الشاعرة نهرا تصبح القضية هي الشعر، بلا مساحيق تجميل، أو قفازاتِ موسيقى، أو غلالاتٍ بلاغيّة.
في أبيات الشاعرة ثورة فرح، جنون ينقض الثوابت الشعرية.
أبيات هالة هالةٌ من الحجارة، يحملها الأطفال حروفا/ غضبا/ صليبا، ويقتحمون بها حواجز الصمت والإذلال والعنجهية.
شعر نهرا نهرٌ من الغضب الشعبيّ/الإلهيّ، يصبّ كبريتَ حبٍ على هامات هامان ونيرون وكل طغاة البشرية.
للثورة والشعر في قصائد الشاعرة هدف واحد، هو البنيان لا الهدم، خلق جديد لقوس قزح ينهي أعاصير الأحقاد الكونية.
الكرامة والحرية والعدالة أركان قضية الشعر، في كتابات نهرا الشعريةو..النقدية.
وقوس القزح المرتجى لهذا الثالوث، هو الفرح الحقيقي، بين أزليته والأبدية.
هالة نهرا، أيتها الشاعرة المسكونة بالفرح، لن يخدعنا فرحك/حلمك/عنوان رسالتك الشعرية; فالفرح الأبدي هو الموت. ولعله الموت صلبا، في سبيل الإنسان؛ وبالصلب /الثورة/الفداء، في نقدك والشعر، فرح القيامة، قوس قزح الصحو، وعنوان خلاص الإنسانية.