سجلوا عندكم

هل اقترب موعد عودة بشارة الأسمر رئيسًا إلى الاتحاد العمالي؟

Views: 1224

رولى راشد

وسط الرهانات القائمة اليوم على استمرارية تحرّك الثوار او المنتفضين في الشارع، والتي يقابلها رهانات في المقلب الآخر على ان هذه الهمروجة انتهت ، او على الأقل تراجعت بفعل ارادة البعض منهم بافساح المجال امام الحكومة الحالية للعمل واخذ المبادرات، وعدم تعطيلها، هناك من يسأل عن غياب شبه كلي للطبقة العمالية المسؤولة عن عمال لبنان الأكثر تضررا من السياسات الاقتصادية والنقدية التي اتبعت، والتي كانت نتيجتها تسريحا متواصلا للكثير منهم مع اقفال المؤسسات او حتى على الأقل تخفيض ساعات العمل، مع ما يرافق ذلك من تراجع فادح للقوة الشرائية، وتراجع قيمة الليرة الى اكثر من 50% ، ووصول نسبة البطالة الى 40 % بين الشباب مع اكثر من 50% من اللبنانيين الى خط الفقر، والآتي اعظم.

للأسف، ان هذا المشهد السوداوي تتخلله مواقف متباينة من المسؤولين، وتقاذف اتهامات بين اهل السياسة، دون ادنى اعتبار لعقول اللبنانيين الذين فقدوا الثقة الكاملة بالطبقة السياسية. فالاستخفاف لم يبدأ قبل ثورة 17 تشرين الاول، التي كانت نتيجته، لا بل بدأ واستمر على مدى حقبات متتالية، أفهم منها الشعب ان كل من في السلطة يعمل لأجله، لأجل البلد، لأجل ابقاء ابنائه في ربوع الوطن، والمضحك لأجل عودة المغتربين والمهاجرين، وكأن ظروف العيش الكريم اصبحت مؤمنة لهم في وطنهم.

رولى راشد

 

ولظروف العيش الكريمة هذه قصة من نوع آخر، كان من المفترض ان تصبح الاصوات اكثر مطالبة بها، ليس على مستوى الثوار فقط، لا بل على مستوى الاتحادات والنقابات العمالية التي شرّع لها قانون انشائها الدفاع عن حقوق الانسان، مطالبة بشراسة ربما ولكن دائما، ضمن سقف انتزاعها من يد المسؤولين.

اين هو الاتحاد العمالي العام ؟ لماذا تخلى عن دوره لا بل مسؤوليته في ان يكون رأس الحربة ؟ 

في آيار الماضي، أخرج رئيس الاتحاد العمالي بشاره الاسمر من رئاسة الاتحاد بتهمة لم يتم وصفها حتى تاريخه سوى انها مزحة غير مقبولة. وأحيل على التحقيق بجرم غير موجود بالأساس فيما كان المجرمون الحقيقيون يسرحون ويمرحون، ويخططون لضرب القاعدة العمالية التي كانت بدأت في عهد الأسمر تقول كلمتها على المنابر، وتصدع بصوتها في الشارع وتعطّل قرارات تطال الوضع المعيشي. 

بعد آيار تغيّر الوضع ورضخت الطبقة العمالية للوصاية من قبل السلطة مجددا، وصولا الى ثورة 17 تشرين الاول التي نقلت لبنان الى مرحلة جديدة، انتفض فيها الشعب الذي يضم العامل، الاستاذ، المفكّر، والعجوز والشاب وحتى الطفل. 

وكل التحركات الشعبية في الشارع والساحات افتقدت لقيادة عمالية جريئة لا تخشى التصدي ولا ترهب للقمع على مدى ال 10 اشهر الاخيرة.

 لماذا يبقى الاتحاد العمالي اليوم بلا رئيس ؟

عودة الرئيس الى العمالي

الجواب الاكثر احتمالا سهل. فالاستحقاقات الاقتصادية والمالية بدأت تحط رحالها في النصف الثاني من العام 2019، واستمرت الامور بالتعقيد الى لحظة الانفجار ليلة 17 تشرين الاول مع تغييب مقصود لأي مرصد عمالي. وربما كان مطلوبا اسكات الصوت قبل ان يعلو.

الملفات المطلبية كثيرة ومتنوّعة، واضحت اكثر تعقيدا، وما من احد يريد التطّوع و تبنّيها.

بعض المصادر المطلعة يرشّح عودة الدكتور بشارة الاسمر الى رئاسة الاتحاد بمباركة من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي ابدى تفهمه لما ارتكب الاسمرمن هفوة بغير قصد، وما لحق به أذى معنوي ومادي وتشويه سمعة لا ترضى عنهما الكنيسة الجامعة لابنائها. وتذهب المصادر الى القول ” للاقتصاد ” ان ثمة محادثات جارية من اجل ملء الفراغ في رئاسة الاتحاد العمالي والتي هي بحاجة الى شخص مناضل برفع المطالب، وبكشف الثغرات والصفقات لمواكبة تطلعات الثوار الحقيقيين .

ويبدو ان قرارعودة الاسمر هو في طريق الحسم بانتظار بلورة امور اخرى في البلاد، واهمها الالتفاف السياسي حول هذا المركز.

هيمنة السلطة السياسية 

لطالما كانت هيمنة السلطة على النقابات العمالية واضحة في اكثر من بلد عربي. وفي لبنان تتفرد السلطة بالهيمنة من خلال ادوات حزبية ومذهبية. وبالتالي، فان تركيبة الاتحاد تمهّد لهذه الهيمنة.

ونسبة 80 %من ّ الاتحادات الـ50 المنضمة إلى الاتحاد العمالي هي ذات تكوين مذهبي. 

أما عوامل السيطرة فيمكن اختصارها ب 4 عوامل:

 1- سياسية اي استخدام الاحزاب المذهبية لمواقعها بالسلطة خصوصا وزارة العمل.

2- عوامل اجتماعية سياسية مع سيطرة الاحزاب المذهبية على بيئاتها المذهبية وترشيد العمال بما يخدم توجهاتها من خلال شبكة من الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية.

3- عوامل إدارية- اقتصادية : هيمنة الاحزاب على المؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة من خلال التأثير المباشر على عملية الاستخدام وأيضا من خلال استخدام الآليات الادارية في المؤسسات.

4- واخيرا عوامل تنظيمية: اي نظام الاتحاد العمالي العام يسمح بتكوين الاتحادات من النقابات دون اعتبارات قطاعية، وتمثيل الاتحادات داخل هيئات الاتحاد العمالي العام بغض النظر عن حجم العضوية مما يعطي القدرة على التأثير في القرارات لعدد من الاتحادات، حتى ولو كانت وهمية أو صغيرة الحجم كما هو الحال بالنسبة للاتحادات المذهبية. 

في المبدأ، الاتحاد العمالي بحاجة ماسة اليوم لاعادة النظر بحساباته، وتصويب اهدافه بعيدا عن السلطة والاحزاب السياسية لمجاراة الثورة التي رفعت المطالب الحياتية الى مراتب متقدمة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *