رئيس الانطونية في عيد سيدة الزروع: إن خرجنا من الأزمة أكثر إنسانية فكل الخسائر الأخرى تغدو هباء

Views: 933

قال رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال جلخ في عيد سيدة الزروع شفيعة الجامعة: “إن احتفالنا هذه السنة مختلف واستثنائي على أكثر من صعيد، لا سيما ان اللقاء يجري عبر الإنترنت، بسبب وباء كورونا”.

أضاف خلال كلمة عبر وسائل التواصل الإجتماعي تحدث فيها عن التغيير في طريقة أداء الجامعة الأنطونية لمعظم أعمالها، وفي مقدمها التعليم: “لقد انتقلنا بشكل سريع وقسري إلى التعليم عن بعد. إن كل الصعوبات والتحفظات والمخاوف التي أخرت إدخال التعليم العالي في لبنان جديا عالم التعليم عن بعد، سقطت أمام ضرورة استمرار التعليم في ظل الوباء. هذه التجربة تحتاج الى مزيد من التفكير والتقييم والتحسين، لكنها سرعت تطورا أساسيا وحتميا، جعلتنا امام عتبة حقبة جديدة في التعليم العالي، لا تخلو من تحديات ومخاطر في ظل الحالة الجامعية في لبنان”.

وتابع: “إن الفرح بالعيد أصعب بكثير هذه السنة، في ظل الأزمة الإقتصادية الحادة التي يعيشها مجتمعنا، والتي أتت في سياق أزمة عالمية ستترتب عليها تغيرات عميقة وطويلة الأمد في حياة البشر. كلنا قلقون، كلنا متخوفون، ومن الصعب تجاهل هذا الوضع، والاحتفال بالعيد كأن شيئا لم يكن”.

وتحدث جلخ عن “إجراءات موجعة اتخذتها الدول والمؤسسات، وعن فترة صعبة يعيشها اللبنانيون قوامها خسارة وظائف بالجملة، وتدهور القدرة الشرائية، وذوبان الودائع والمدخرات، وإقفال مؤسسات، وفقدان ضمانات”، لافتا إلى ان “معظم هذه الضغوط والمشكلات تتخطى قدرة أي مؤسسة على الصمود، مهما كانت مواردها ومدخراتها. لكن المواجهة ليست مسألة موارد مادية وحسب، فخلال الأزمات الكبرى، لا تصمد إلا المجتمعات والمؤسسات التي تتمتع بدرجات عالية من التضامن الداخلي”. وقال: “ليمسك بعضنا بأيدي بعض، ونساعد الأكثر ضعفا بيننا، لنعبر العاصفة معا”.

وأوضح أن “الجامعة الأنطونية، كأي مؤسسة أو عائلة، أمام تحد للحفاظ على مواردها الآخذة في التقلص، لا لتحتفظ بها أو تفرط فيها، بل لتؤمن توزيعها العادل والمستدام على أعضائها كافة، وعلى الجوهري من أعمالها”.

وقال: “على الحكومة أن تتحلى بالحنكة والدراية لتحويل التحديات إلى فرص، لأن الأزمة فرصة لبناء اقتصاد مرتكز على الابتكار والتكنولوجيا والشفافية، ولتشجيع الإنتاج المحلي، وهي بالتالي فرصة ايضا للانتقال بإدارتنا إلى الزمن الرقمي، الكفيل بإنهاء كثير من مظاهر الرشوة والفساد واللاإنتاجية الإدارية، وفرصة للانتقال بالعمل إلى مفهوم جديد، يشجع العمل من البيت، ويقيم النتائج لا ساعات الدوام والأوقات الضائعة في زحمة السير”.

أضاف: “فيما العالم مقبل على مرحلة كساد، أو تباطؤ في النمو في أفضل تقدير، لن نستطيع الاتكال، كما في كل أزمة، على المساعدات والهبات، بل سنضطر للاتكال على أنفسنا، لنخلق فرص عمل حقيقية ومنتجة، واقتصادا مستداما”.

الى ذلك، عايد جلخ عائلة الجامعة الأنطونية، من الطلاب الى الأساتذة والموظفين والأهالي، وامناء الجامعة. وتوجه الى كل فرد من الجامعة بالقول: “ليس المهم أن تراكم المؤسسة السنوات، ولا أن تبقى قادرة على الحياة وحسب، المهم أن تبني نموذجا جديرا بالحياة”.

أضاف: “إن الجامعة تجهد اليوم، لكي تكون جديرة بالاستمرار، ولتعبر الأزمة من دون أن تخسر شيئا من القيم الأساسية التي تقوم عليها رسالتها. وكي نكون جديرين بالاستمرار، علينا أن نتفادى التضحية بما له قيمة من أجل ما له سعر وحسب. فالأسعار ترتفع فجأة، كما هو حال كل السلع اليوم، أو تنهار فجأة كما حدث للرواتب بالعملة الوطنية. أما ما هو قيمة، فقيمته منه وفيه”.

وختم: “خسائرنا كبيرة اليوم، وسوف نخسر ربما بعد، ولكن الرأسمال الأساسي الذي لن نقبل أن نخسره هو إنسانيتنا. وإن نحن خرجنا من الأزمة الحالية أكثر إنسانية وأخوة، فكل الخسائر الأخرى تغدو هباء”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *