سجلوا عندكم

لغة الصمت (قراءة في قصيدة الشاعرة نجوى الشدياق حريق)

Views: 20

د. جوزاف ياغي الجميل

 

كلّ الآهات تمرّ بي

وانا أستجدي لغة تهيم بك

وتجعلك رجل اللغات

اجتاح قاموس النساء

واصمت

ففي الصمت لغة عذراء

اجيدها

لأنني امرأة فقط

 

الشاعرة نجوى الشدياق حريق

 

 

لأنني امرأة عنوان يختصر الصمت، وتنأى به المسافات.

في آهة البوح ذكرى تبوح بها الآهات.

“كل الآهات تمر بي” وكل خربشات الزمن في طرقات روما تؤدي إلى الدوار، في ما مضى وفات.

وتبحر قصيدة الشاعرة نجوى الشدياق حريق في بحار بلا قرار. رمال شواطئها انتظار واحتضار. والزورق الفضي في لجة الحبيب يدور ويدور.

لم استجداء اللغة، أيتها المرأة المسكونة بالوجد الجنين؟

لعل الحروف ماتت حين لفظتها تباريح شوقك على شاطئ الظنون.

أتبحثين، يا شاعرة الحب، عن حبر جديد؟

كم أورقت أشجار عطرك في السكون.

كيف يتحول الرجل، في غربة أحلامك، إلى لغات، ولغة الحب وحدها تكفيه؟

كيف تقرأ عيناك ارتشاف خمرة الندى، في معصرة  الياسمين؟

بين حضور غودو والغياب براكين عاشقين، وحروف تثملها فراشات الشك واليقين.

اللغة حضور وأنت الغائبة الكبرى، أمام سيد الكلمات.

الصمت غياب وقاموس النساء ذاب حبره كسمفونية الأنين.

وتصمتين، أمام جمال الروح، والشعر، والصمت الحزين؛لأن الصمت في حرم الجمال جمال. وآهات بوحك عطر دفين.

في لقائك والرجل لقاء بلون القلق.

هو ينطق بلغات الوحي، لأنه تجاوز النسبي إلى المطلق. مبحر هو في زورق يغرق. فهل يفقه لغة الصمت، في بيادر السنين؟

صامتة أنت، وصمت الدماء لحن حزين.

صاخبة أنت، وصوت الحب كالحق يعلو ولا يعلى عليه.

وحين تولم المسافة أفراح شوقك، يغفو وتستيقظين.

تجيدين الصمت، ولا تصمتين.

قد يسكت منك اللسان، الحنان، الجنان، فبأي آلاء تصدقين؟

صمت، لأنك امرأة. وصمت المرأة عالم من السحر الأمين، وأحلام سكر القبلات.

لأنك امرأة كسرت مرآة روح الزمان، وعتقت المجون.

لأنك امرأة برياح البحر وأعاصيره تهزئين.

أي ريح ودود يحمل الليل إليك وتثمرين؟

ليل نجواك حنين وارتقاء.

والفجر في كتب العهود يظلله انتحار من رماد.

لأنك امرأة أتيت،ورأيت، وانتصرت. وكم يطيب في فجر الزمان حنين العابثين. (https://www.conifa.org/)

رجل بكل اللغات هو. وصوت العنفوان حصان يفقه معنى الحصار، والإعصار، واللقاء.

رجل وامرأة. صاخب هو وتصمتين.

أيتها الشجرة الخالدة، يا زهرة الصمت الصخب، ما لي أراك نخلة، في صحراء طيبة والعراق؟

ما للمولهة من عشقها الصوفي لا تستفيق؟

أيها الرجل الفينيق، يا حلم أقدار العناق، الأنيق، كم بك الكلام يليق!

صديقتي الشاعرة النجوى، متى تورق في صمتك أحلام الواثقين؟

متى يضطرب الخوف، في محيا الظلام، ولا تأرقين؟

في البدء كان…وكان آدم المختار، يمتطي أبجر آهات الجنون.

واليوم ترتعش اللغات أمام عاصفة الصمت، والموت، ولا تلتفتين.

وغدا، حين تذوب الذكريات الخالدات، أراك

ترينني، مثل عطش القصور، إلى الحنان.

وخارج أسفار البوح، حبر مشرق يقرأ آيات القوافي العاريات.

في يدك محراث من ورق، لغات في موج عمقك تحترق. تتألقين.

هي اللغة أنثى، في شعاعها غرق، وفي لحن أحلام المدى تتجمد وتسيلين.

نجواي، أيتها المرأة الطيف، أراك على جسر صمتك تبحرين، لغتك الشراع، واليراع، وإيمان لا يلين.

أيتها العاشقة ألحان المرايا، صمتك الثرثار حلم جامح، زلزال وحي للمبدعين.

وغدا، ينمو يراع من غضب، يحتضن امرأة الزيزفون، فتثمر نايات القصب. تتألقين.

نجوى الشدياق حريق، لأنك مبدعة، فقط، حملت مجذاف إعجابي، وأبحرت، إلى مشرق الكلمة التي في حرفك الأزلي كانت. وكنت المبسم الماسي ترسمين.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *