سجلوا عندكم

صباحُك… وأملُ الغدّ

Views: 518

د. سحر نبيه حيدر

تصحو كل يوم على أملٍ واحد لا تالي له. أملٌ بأن تلقاه، لا في أحلامها بل على أرضٍ محسوسة…

تعود ذكرياتها، تفتش بين أوراقها المبعثرةِ بعد انقضاء الدهر، عن أنفاسه التي فلشها يومًا فوق جسدها البارد…

تقلّب دفاترها تبحث عن كلماته… ريحُ الوجد مثلجةٌ تحمل إليها كلّ القلق، وهي، إليه تصبو…

أتراه غافلٌ عن وجهها ويطمح الى أكثر.. تتآوه في وحدتها ووجعها يأبى أن يتراجع…

تهواهُ؟!  ليت قلبها تخمد نيرانه، فتنام رياح بحرها الذي ما فتىء يقلّب المراكب بحثًا عن ريحه.

وهو هناك، مع وريقات الخريف يتلهّى، ينفث دخان سيجارةٍ، وتتراقص معه الذكريات الملتهبة. يسألها بازدراء، هل نامت عيونك؟! من ثمّ ينسحب…  يعرف جيدًا أنها لا تغفو، بل تهرب الى النوم كيما تشعر بهجرانه، تستسلم للرقاد كيما تتألم أكثر.

على جمرٍ تغفو. على لهفةٍ ممزقةٍ تغفو. في حضن النكران، نكران ذاتها منه، تغفو.  تهرب الى حيث حلمها المستحيل… منذ البدء عرفت… ما كان الوصال توقها، بل سكناه، رجاحة عقلٍ تقيلُ عثرتها…

آه منه ومن ريّ شبابٍ يافع أيقظ كلّ أحاسيسها.  آهٍ من عينيه تلك التي كالرّصاص قتلت موتها البطيء، وأعادت إلى أطرافه المتجمدة كلّ لهب… آه من شفتيه الغضّة التي، ما زال طعمها، يراودها عن نفسها، حين تهجرها سكينة الحياة وتتخبط…

تبحث عنه، حتى بين أحلامها المنسية، وها هي تتقلّب، تبصر نور الصباح، تلتمس من أشعة الشمس اللاهثة فوق الهضاب شذرات من أمسها…

تعانق خيالاته، تقبل وجنتيه الباردتين، وتهمس:” كل يوم وأنت الصباح!!”

***

(*) من كتاب  “ومضات” الذي سيصدر قريبًا

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *