سجلوا عندكم

على المفترق

Views: 314

خليل الخوري 

أيام حاسمة يعيشها لبنان. أيام غابت عنها الهبّات الباردة ولم يبق سوى هبوب الرياح الحارة تلفح وجوه اللبنانيين الواقعين تحت ضغوط لو استهدفت الجبال لزلزلتها.

فإلى أي مدى زمني سيبقى هذا الشعب الصابر الصامد المكابر يعضّ على جرحه؟ إنّ اللبنانيين، ووطنهم بالطبع، على مفترق خطر. وليس ضرباً بالرمل أو مجرّد تكهّنات أنّ العواصف الهوجاء ستطرق الأبواب في وقت نرى الخطاب السياسي في وتيرة تصعيدية مرتفعة تلامس الحرب الأهلية.

لا يكفي أن يقول كل من المتكلمين، من ذوي الكلام المسموع، إنه لا يريد الحرب، ويتجنّب الإقتتال الداخلي. فكل شيء يشي بأننا على حافة دوّامة سيكون الوقوع فيها مدخلاً الى كارثة مجهولة معلومة.

أجل ! إنها أيامٌ حاسمة.

ولكن الحرب الأهلية ليست قدراً محتوماً. ولا هي تسقط من غيمة سوداء. إنها، ببساطة، قرار نتّخذه نحن اللبنانيين. طبعاً، لا أقصد الناس الطيّبين الأوادم الذين يريدون السترة. إنما أقصد المحرِّضين والمأزومين بسياساتهم أيضاً الذين يبحثون عن الخروج من ورطاتهم بأي وسيلة أياً  كانت ولو جرّوا البلاد والعباد الى النار والرماد…

قبل أشهر ربما كان الأمل معقوداً على الثورة التي انبلج فجرُها ذاك السابع عشر من تشرين لكي تكون الرافعة التي تنتشل البلد من الهاوية العميقة التي دفعوا بنا الى أغوارها العميقة… ولكن من أسفٍ كبيرٍ إنّ الثورة التي بدأت مشرقة، بهية، رائعة، معبّرة عن الطموحات والأحلام… أضحت ساحاتها منابر لكل من هبّ ودبّ. ولشذاذ الآفاق وللمرتزقة وللإرهابيين وللمدسوسين وللحاقدين على بيروت وعلى كل جمال وبهاء…  أما الثوار الحقيقيون فقد تنحّوا جانباً كأنهم من حيث لا يريدون أو لا يدرون أفسحوا في المجال لأولئك ليحققوا ما يريدون على عينك يا سلطة.

وماذا بعد؟

الناس التي تسحقها المعاناة والأزمات وتكاليف الحياة… كانت تجلدها أمس أخبار الحروب الأهلية وغير الأهلية. وكأنه لا يكفيها ما فيها، فتهافتت على شراء المواد الغذائية وفائقة الضرورة لتسدّد الأثمان باللحم الحي وبالليرة المنهارة، فيما المستر دولار في صعود مروّع بالرغم من تدابير لا تدبّر شيئاً…

فعلاً… لبنان على مفترق خطر.

الله يستر!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *