سجلوا عندكم

في وجه الشمس

Views: 29

د. جان توما

في الإسطورة اليونانيّة أن” إيكاروس” استطاع الطيران بأجنحة ريش ممزوجة بالشّمع بعكس رواية” عباس بن فرناس”، أول طيّار عربي في الأندلس، الذي راح شهيد لعبة الإبحار في الهواء، حسب المتناقَل.

أما ” إيكار” فتقول الإسطورة بأنّ (ددال) أب (ايكاروس) صنع متاهة لأحد الملوك ولم يستطع الخروج منها، فصنع أجنحة وألصقها بالشمع وطار، وقد حذّر ابنه من التحليق قُرب الشمس، لكنه لم يسمع أمر والده واقترب، فذاب الشمع وسقط في الماء.

ليس المهم سقوط ” إيكار” أو ” عباس” بل المهم أن حلم الطيران لم يسقط أمام إصرار الحالمين بالسّماء ثمّ باختراق الفضاء. كما أن ” إيكار” تمرّد وثار ولم يستجب لتحذير والده بعدم الاقتراب من الشمس كي لا يذوب الشّمع . إنّ الشّمس هنا هي الحقيقة لأنها تكشف بنورها الأشكال والأحجام. فالليل يخفي الشكل والطول والعرض والحجم ولا يبقي إلّا على ما يرسمه الخيال. لذا كان واضحا جبران خليل حبران في قوله: ” سقط البرقع وقبّلت الشمس وجهي لأول مرّة” ، أي بدأت مسيرته نحو الحقيقة التي لن يدركها،كما  يقول الشاعر عز الدين المناصرة: “هو (إيكار) سيحترق بشمسه/وأنا سيُذوّبني المنفى”. هذا أيضًا جاء في فيلم “Z” الشهير حيث تصل إلى المحقّق قصاصة عليها اسم ” إيكار” ليفهم أنّه بدأ يقترب في تحقيقاته من الشمس/ الحقيقة فلينتبه إلى عدم سقوطه من عل.

هكذا الناس المتمرّدون في لوحة حبيب ياغي، يقفون أمام فوهة الشمس كالواقف على صفيح ساخن. تأخذهم الألوان المبعثرة في الكون لجمال عالم آت منتظر. كلّ الوجوه باتجاه الشمس المحترقة علّها تلفح بلهيبها وجوههم فيصيرون إلى الأفضل كما يُسقِط النار ما علق بالذهب من أدران ليلمع. (https://magroove.com/)

النار في لوحة حبيب ياغي لمّاعة برّاقة توحي بنقاء ثورة الجوع والوجع . لقد وصل صراخ المتألمين إلى السماء وزاد توهّج حرارة الشمس. من يرفع حجر القيامة عن صدور الناس؟!

 

(*) اللوحة للفنان حبيب ياغي

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *