عاش بصمت ورحل بصمت
الإعلامية جان دارك أبي ياغي
(المستشارة الإعلامية لجائزة جان سالمه)
يفتقد لبنان اليوم علَمًا من أعلام الثقافة برحيل الأديب والروائي جان سالمه صاحب الشخصية المميّزة، والقلب الكبير، والأخلاق العالية، المتصالح دومًا مع نفسه ومع الحياة على قساوتها.
لقائي الأول معه كان يوم استضفته في مقابلة تلفزيونية ضمن إطار برنامج “أعلام من بلادي” عبر شاشة تيلي لوميار ونورسات. وبعدها توطّدت العلاقة بيننا وتوثَّقت العلاقة الفكرية فاختارني عضوًا في لجنة جائزته – “جائزة جان سالمه”- كمستشارة إعلامية.
وُلد جان سالمه في حلب – سوريا – العام 1929، في عائلة مؤلّفة من ثلاثة صبيان وبنتين (هو الثاني بين إخوته). العام 1937 نزح مع أهله إلى لبنان حيث حصلوا على الجنسية اللبنانية العام 1957. (expertseoinfo.com) تلقّى علومه الابتدائية والثانوية في مدرسة الفرير- الجميزه. ثم انتقل للعمل مع والده في تجارة المواد الغذائية.
في صغره كان شغوفًا بقراءة الكتب، وفي شبابه واظب على حضور الأفلام السينمائية (هوليوود) لكبار الفنانين العالميين ما أكسبه ثقافة واسعة في هذا المجال.
الراحل قاصٌ من الطرازِ المشوِّق المميّز. تتلبسُك أحداثُ قصصهِ بما لا فَكَاكَ لكَ منها، إلاّ عند بلوغك، بعد مخاضٍ عسير، نهاياتها.
قد يكونُ الثاني بعدَ شاعرنا الكبير سعيد عقل الذي يؤسسُ لجائزةٍ أدبية (1998) تُمنح باسمهِ لكبارِ الأدباء تقديرًا منه لما قدَّموه من عطاءاتٍ فكرية وثقافية أغنتِ المكتبة اللبنانية والعربية، فاستحقوا عن جدارة لقبَ “مبدعين من لبنان”.
مهما كانت الكلمات بليغة أو صادقة فهي لا تعبِّر عن الخسارة الكبيرة بغياب عميد الكلمة جان سالمه الذي صرفَ عمره في الكتابة وأبدعَ كتبًا كثيرة باللغتين العربية والفرنسية (أكثر من 25 مؤلّفًا) شكّلت عمارة للأدب والقصة والرواية. من أعماله: “كلمات في سعيد عقل”، “نور الهدى”، “باقة من المبدعين”، “أوراق الربيع”، وغيرها من القصص.
قبل رحيله، واستكمالًا لعطاءاته، وَهَبَ مكتبته الخاصة لجامعة الروح القدس – الكسليك.
أستاذ جان، أعاهدُك أنّ الجائزة ستبقى كما أوصيت، تخليدًا لذكراك.