سجلوا عندكم

جميل الدويهي “في معبد الروح”…  الإنسانُ في ملئه!

Views: 5

د. عماد يونس فغالي

 

دخلتُ معبدَكَ يا روحُ وفي محرابكَ وقفت

فيا كاهنَ الإنسان إرفعْ لنا ما جئناكَ به من ضعفٍ وصغَر!

لا، لم يأتِ في بالي عندما ولجتُ كتابَ “في معبد الروح”، أنّي داخلٌ هيكلاً أصلّي، لا عبادةَ إله، لكن رفعةَ إنسانٍ في رتبةِ الروح!

وكاهن المعبد خادمٌ، لا صلاةً أو طقس. خادمٌ الإنسانَ في مسيرته عبر التعرّجات والعثرات، إلى ملء إنسانيّته! هو لا يكهنُ إلاّ خبرةً طوى فيها تأمّله في الإنسانيّة، فيعطي من فيضها لكلّ قاصدٍ إيّاه، زادًا يقيته في ارتحاله، ومقوّيًا يعينه في الطريق، ودواءً يشفي علّةَ نفسه!

“في معبد الروح”، صنّفه مؤلّفه الدويهيّ فكرًا. وهو كذلك في مضمونه. لكنّ النمطَ الأدبيّ، وإن كان في الأساسِ إيعازًا، والإيعازُ في سياق العبادةِ ودُورها ملائمٌ، إلاّ أنّ السردَ هائمٌ وذَوقَه جاذبٌ وفريد!

د. جميل الدويهي

 

“في معبد الروح” قصّةُ “كاهنٍ” مرتسمٍ على مذبح الإنسان في ملء رتبته المقدّسة. هو لا يكهن بشعائر تقدمة أو صلاة. هو يقدّم للناسِ حبًّا، هدايةَ طريقٍ وحياة! وهي قصّةُ ناسٍ ضلّوا في معارجَ، تفاصيلَ مساراتِهم. لكنّهم شعروا بضيق، فجاءوا إلى المعبدِ، يلجأون إلى كاهنه بثقة. وضعوا عنده مصابَهم، فأرشدَهم سواءَ السبيل. وهم انقادوا إليه فعلاً، فاصطلحوا!

قصّةُ المعبد، بطلُها ضميرُ المتكلّم، سردًا وإيعازًا. الأنا شخصيّتُها المؤلّف، من داخل النصّ طبعًا. هو الكاهنُ في شهادة حياته، كأنْ سيرةٌ ذاتيّة يقدّم في خلالها جردةَ حساب بيدره، متجلببًا قناعاتٍ أرسى وفقها خدمته الناس!

صاحبَ النصّ المؤلّف، الدكتور جميل الدويهي، أخالُكَ رجلَ الفكر بامتياز، صببتَ جامَ فكركَ المجبول بالعلوم الإنسانيّة بحثًا علميًّا وأكاديميًّا من جهة، ومن أخرى خبرةَ حياة! كشفتَ النفسَ البشريّةَ في مواطنِ تفاعلاتها جميعًا. وسرتَ معها في احتكاكها بالجسدِ والمادّة، ارتفاعًا نحو أبهى تجلّياتها، بلوغَ تسامي الإلهيّات! (https://www.tractorjunction.com/) قدّمتَ لها الحلولَ حيثُ المشاكل، وأرشدتَها إلى الخير حيثُ تخبّطٌ بالشرّ ، وسموتَ بها في الروح إلى التحرّر المطلق!

“في معبد الروح”، رحلةٌ وافية إلى معالم الفضائل الإنسانيّة والقيم الأخلاقيّة، عبرَ قضايا الحياة وعناصرها… هي عُصارةُ تجربةٍ شخصيّة مطعّمة بالثقافةِ الوافرة في شتّى الميادين! تجرُبةٌ مجبولة بالألم، عرفتْ بواكيرَ السعادة فنمت، وأطعمتْ صاحبَها وصحبَه… طوبى لمن ينعم!

لافتٌ في القصّةِ المكان والزمان، مفتوحان على المطلق… حتى “مجسّم” المعبد غيرُ مؤطّر بالمادّة، لا حدودَ قياسيّة تقيّده! والزمان مرتبطٌ بحياةِ الناس، شخصيّات السياق، وقته المدى، الحريّة، السلام!

د. جميل الدويهي، عرفتَ تربطُ واقعَ الإنسان الماديّ بعمل الروح… هذا نتاجُ الفكر متى أمسكَ دفّةَ القيادة. تبانُ فيه، الحقّ يقال، ربّانًا متمرّسًا، قضيتَ خبرتَكَ القياديّة في أمواج العواصف العلائقيّة العاتية، كما خلالَ الأيّام الساطعة الشمسِ الاجتماعيّة والنفسيّة التواصليّة.

كتابُكَ سيّدي هذا، مرجعٌ، أكادُ أصنّفه لو أجرؤ، مقدَّسًا، في ما فوق الديانات، ارتباطَ الإنسان بملئه… حسبُه يعتبر!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *