جِهَادُ الْمُحَارِبِ

Views: 373

محمد نعيم بربر

 

 

يَظُنُّ جُمُوْعُ النَّاسِ فِي حُسْنِ مَظْهَرِي

بِأَنِّي خَلِيُّ الْبَـــــالِ ، سَهْلُ الْمَرَاكِــبِ

أَعِيْشُ كَمَا أَهْــــوَى كَطِفْلٍ مُدَلَّــــــــلٍ

جَمِيْلِ الْمُحَيَّــــا ، مُسْتَجَابِ الْمَطالِــبِ

وَمَا عَلِمُوا أنِّـــــي امْـــرُؤٌ ذُو شَكِيمةٍ

أجَاهِدُ في نَفْسِي جِهَـــــــادَ الْمُحَاربِ

أسيرُ على حَدِّ الْمَخَاطِـــــــرِ والرَّدَى

كَمِيًّا جَمُوحــًــــــا فَوْقَ هَامِ الرَّكائبِ

وَأَحْيَا كمَا يَهْوَى الْقَضَا دُوْنَ رَغْبَتِي

ومَا قَدَري إلاَّ امْتِحَانُ الرَّغَــــــــائِبِ

أَتَيْتُ إِلَى الدُّنْيَا سَعِيْدًا مُنَعَّمـــــــــــــًا

رَهِيْفَ الْحَشَــا وَالْقَلْبِ جَمَّ الْمَوَاهِـبِ

يُؤَلِّفُنِـــــي مِثْلَ الْكِتَابِ مُؤَلِّــــــــــفٌ

عَنَاوِيْنُـــــــهُ كُثْرٌ،وَأُسْتَاذُهُ أَبِــــــي

درَسْتُ عَلَيْهِ عِزَّةَ النَّفْسِ وَالْعُــــــــلا

وَعَنْهُ تَخِذْتُ الْمَجْدَ صَافِي الْمَشَـارِبِ

تَلَمَّسَ فِي رُوْحِي طُفُوْلَةَ شَاعِــــــــرٍ

وَفِطْرَةَ مَوْهُوبٍ ، لِقُدْرَةِ واهِــــــــبِ

فَكُنتُ لَهُ إِبْنًــــــا مُطِيْعًــــــا لأَمْـــرِهِ

وَكُنْتُ لِحِفْظِ الشِّعرِ أَفْضَلَ طَالِـــــبِ

وَكُنْتُ أَلُوْفَ الْوَجْهِ كَالصُّبْحِ بَاسِمـًا

يُسَامِرُنِـــــي حُبُّ الْفَتَى لِلْمَلاعِـــبِ

أَطُوْفُ أَنِيْقَ الثَّوْبِ مِثْلَ فَرَاشَــــــــةٍ

تُلاحِقُ عِطْرَ الزَّهْـرِ حُلْوَ الْمَسَاكِــبِ

تَرَانِـــــي كَعُصْفُورٍ صَغِيْرٍ مُغَــــرِّدٍ

يُرَفْرِفُ فِي رَوْضِ الْحِسَانِ الْكَوَاعِـبِ

نَشَأْتُ خَفِيْفَ الظِّلِّ وَالرُّوْحِ مُرْهَفــــًا

كَقَطْرِ النَّدَى ، يَنْسَلُّ بَيْنَ الْعَشَـائِــــبِ

فَلا هَمَّ فِي عَيْشٍ وَلا هَمَّ فِي قَضــًـــا

فَحَسْبِـــــي مِنَ الدُّنْيَا جَمِيْلُ الأَطَايِـبِ

وَلَكِنَّ لَمَّا اشْتَدَّ فِي الْعُودِ صُلْبُـــــــــهُ

وَفَتَّقَ رَوْضُ الْعُمْرِ زَهْرَ التَّرائِــــــبِ

ذَرَتْنِي الرِّيَاحُ الْهُوْجُ مِثْلَ سَحَابَـــــــةٍ

تُلامِسُ وَجْهَ الشَّمْسِ بَيْنَ السَّحَائِـــــبِ

تَغُورُ وَتَطْفُو ، ثُمَّ تَبْدُو وَتَخْتَفِــــــــــي

عَلَى عَنَتٍ كَالسُّمِّ فِي كَـــــأْسِ شَـارِبِ

كَأَنِّـــي أَنَا غَيْرِي غَرِيْبٌ عَنِ الْـوَرَى

تُحَاصِرُنِــي الأَحْدَاثُ مِنْ كُلِّ جَانِـبِ

تَشُدُّ قُيُوْدُ الأَسْرِ عَقْلِــــــــي وَهِمَّتِــي

وَتَهْمِـــي عَلَى رَأْسِي بِكُلِّ الْمَصَائِـبِ

أُقَارِنُ بَيْنَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَحْفِــــــــلٍ

فَتُؤْلِمُنِــــــــــي فِيهِمْ شُجُوْنُ الْمَثَالِـبِ

أُحَاوِلُ أَنْ أَدْنُـــــو إِلَيهِمْ مُقَارِبـــــــــًـا

فَتُبْعِدُنِـــــــي عَنْهُمْ شُؤُوْنُ الْمَنَاصِـــبِ

وَلَكِنَّ لِي قَلْبًــــا رَؤُوفــًاعَلَى الْـوَرَى

لِنُصْرَةِ مَظْلُوْمٍ ، وَشَكْـــوَى مُعَاتِــــبِ

أُقَارِبُ فِيْمَـــا بَينهُمْ حِيْنَ تَنْجَلــــــــــي

لِفِكْرِي هُمُومُ النَّاسِ بَيْنَ الأَقَـــــــارِبِ

فَكُلُّ الْوَرَى أَهْلِــــــي بِحُكْمِ شَرِيْعَتِــي

وَإِنْ سَلَكُوْا شَتَّى الْمُنَى وَالْمَذَاهِــــــــبِ

تُوَحِّدُ رُوْحِي بَيْنَ ضَعْفِي وَقُوَّتِـــــــــي

فَحِيْنًـــا كَمَغْلُوبٍ ، وَحِيْنًـــا كَغَالِـــــبِ

فَرِفْقًــــــا بِرُوْحِي أَيُّهَا الخَلْقُ إِنَّنِــــــي

أُطِلُّ عَلَى الدُّنْيَـــــا، عَلَى حَــدِّ لازِبِ

أُجَاهِدُ فِي نَفْسِي وَعَقْلِــــي عَنِ الْوَرَى

وَمَا غَايَتِــي فِي النَّاسِ جَنْيُ الْمَكَاسِـبِ

أقولُ وفي قَلْبي مِنَ الْهَمِّ والرِّضَــــــا

خِتَامُ حَدِيثٍ مِنْ خِـلالِ التَّجَاربِ :

إِذَا كُنْتَ لا تَرْضَى مِنَ النَّاسِ ، هَمَّهُمْ

سَتَبْقَـى مَعَ الدُّنْيَا ، صَرِيْعَ الْمَتَاعِبِ!!

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

  1. لقد جمع الشاعر محمد نعيم بربر في قصيدته صورا رائعة لموقع الإنسان في الكون منذ حداثة سنه حتى البلوغ والشباب كيف أن الشعر ولد معه بالفطرة وساعده والده على تنمية هذه الموهبة ولما اشتد ساعده كانت نفسه تمتاز بعقل راجح وخيال فيه عمق المشاعر الإنسانية ورؤية توافقية بين الأضداد في عالم الطبيعة والمجتمع والإنسان بالغيوم التي تستجيب لشمس دافئة والأعاصير . قصيدة تلامس الوجود بمن فيه من موجود بعمق دلالاتها