سجلوا عندكم

مَلْحَمَةُ الأحْزَانِ

Views: 425

محمد نعيم بربر

يَا نَفْسُ، لَا تَتَألَّمِي فَكَفَاني

مِنْ غُرْبَتِي همًّا، وَمِنْ أحْزَانِي

إنْ كُنْتِ نَادِمَةً، فَلَسْتُ مُخَيَّرًا

حَكَمَ الْقَضَا حُكْمًا بِعَقْدِ لِسَانِي

أوْ كُنْتِ رَاضِيَةً فَلَيْسَ مِنَ الرِّضَا

عَبَثُ الزَّمَانِ وَغُرْبَةُ الأوْطَانِ

لَا الْقَلْبُ يَرْضَى أنْ أظَلَّ مُعَذَّبًا

كَالطّيْرِ نَاحَ عَلَى ذُرَى الأغْصَانِ

وَالْعَقْلُ يَأْبَى أنْ أظَلَّ مُقَيَّدًا

مَا بَيْنَ مَاضٍ ضَاعَ فِي النِّسْيَانِ

هُوَ حَاضِرٌ عِنْدِي بِكُلِّ حَنِيْنِهِ

هُوَ حَافِظٌ عَهْدِي بِكُلِّ زَمَانِ

تَحْيَا بَشَائِرُهُ، بِكُلِّ جَوَارِحِي

فِي مَوْطِنُ الأصْحَابِ وَالْخُلاَّنِ

هُوَ مَوْطِنِي، قَدَرِي، وَرَمْزُ حَضَارَتِي

هُوَ رَغْمَ أنْفِ الْهَجْرِ رَمْزُ كَيَانِي

أبْنَاؤُهُ أهْلِي، وَكُلُّ عَشِيْرَتي

وَرِجَالُهُ صَحْبِي وَعَهْدُ أمَاني

وَتُرَاثُهُ عَبَقٌ، وَمِنْ تَارِيْخِهِ

تَتَفَتَّحُ الأبْوَابُ، كَالشُّطْآنِ

حَاوَلْتُ أنْ أنْسَى أنِيْنَ جِرَاحِهِ

فَإذَا الْجِرَاحُ تَعِيْشُ مِلْءَ جَنَاني

سَافَرْتُ خَلْفَ الْمَجْدِ أطْلُبُ وُدَّهُ

فَإذَا الْحَنِيْنُ يَضِجُّ فِي وِجْدَاني

وَخَلَعْتُ عَنْ جَسَدِي قَدِيْمَ لِبَاسهِ

فَاسْتَصْرَخَتْ جَسَدِي يَدِي وَبَنَاني

وَرَجَعْتُ مِثْلَ الطِّفْلِ يَرْكُضُ طَائِعًا

لِلأمْرِ، رَغْمَ الْقَهْرِ وَالْحِرْمانِ

كَالصَّفْحَةِ الْبَيْضَاءِ، أرْسُمُ فَوْقَهَا

حُلُمَ الرَّجَاءِ، بِخَفْقَةٍ وَحَنَانِ

كَالطَّيْرِ يَرْجِعُ بَعْدَ هَجْرٍ مُتْعَبًا

وَمُهَاجِرٍ قَدْ ضَاقَ بِالْهِجْرَانِ

أطْوِي مِنَ الْمَاضِي بَشَاعَةَ حَرْبِهِ

وَتَصَارُعَ الأحْبَابِ وَالإخْوَانِ

وَأعُوْدُ بِالآمَالِ أعْدُو هَاتِفاً :

لُبْنَانُ مَرْقَدُ عَنْزَتِي وَحِصَاني

حَاوَلْتُ أنْ أسْلُو، فَضَجَّ بِمِسْمَعِي

صَوْتٌ يُجَلْجِلُ فِي صَدَى الآذَانِ

كَيْفَ السُّلُوُّ، وَفِي الْجَنُوْبِ مَذَابِحٌ

فِيْهَا تُدَاسُ كَرَامَةُ الإنْسَانِ

تَغْتَالُ فِي حِمَمِ الْقَذَائِفِ أهْلَهُ

وَتُحِيْلُ أرْضَهُمُ إلَى بُرْكَانِ

وَتَعِيْثُ فِي قَتْلِ الْحَيَاةِ، مَفَاسِدًا      

وَمَآتِمًا، لَهْفِي عَلَى لُبْنَانِ

كَيْفَ السُّلُوُّ، وَهَلْ غَفَتْ عَيْنٌ تَرَى

مَا حَلَّ فِي” بُوسْنَهْ، وَفي ” الشِّيْشَانِ “

وَالْقُدْسُ مَا زَالَتْ تَئِنُ ذَلِيْلَةً

وَبِهَا اسْتُبِيْحَتْ حُرْمَةُ الأدْيَانِ

صُوَرٌ تَمُرُّ عَلَى شَرِيْطِ خَوَاطِرِي

مِنْ لَوْحَةِ الآلامِ وَالأحْزَانِ

كَمَلاحِمِ التَّارِيْخِ تُكْتَبُ بِالدِّمَا

مَرَّتْ عَلَيْهَا رِيْشَةُ الْفَنَّانِ

حَاوَلْتُ أرْسُمُهَا بِصِدْقِ مَشَاعِرِي

مِنْ غَيْرِ تَجْمِيْلٍ وَلا ألْوَانِ

فَجَمِيْعُ أهْلِ الأرْضِ مِنْ جِنْسِيَّتِي

وَهُمُوْمُهُمْ  هَمِّي وَصَوْتُ بَيَانِي

وَصِرَاعُ أهْلِ الأرْضِ كُلُّ قَضِيَّتِي

كَيْفَ السُّلُوُّ عَلَى أذَى الطُّغْيَانِ ؟!

أطْلَقْتُ صَوْتِي لِلسَّمَاءِ مُجَلْجِلًا

أفَمَا لِهَذَا الظُّلْمِ مِنْ بُطْلانِ ؟!

وَمَدَدْتُ كَفِّي ضَارِعاً مُتَهَجِّدًا

لِلَّهِ، أرْجُو رَحْمَةَ الرَّحْمَانِ

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *