البرت حوراني… المؤرِّخ اللامع

Views: 20

وفيق غريزي

البرت حوراني كاتب ومفكر ومؤرخ، شهدت الاوساط الثقافية اللبنانية والعربية والاجنبية بصدقيته، وعمق تفكيره، وثراء مخزونه الثقافي الشامل…

 حياته واهتماماته الفكرية

البرت حوراني هو ابن فضلو حوراني، من جديدة مرجعيون، الذي هاجر سنة ١٨٩١ مع سميّة الراسي (شقيقة شيخ الأدب الشعبي سلام الراسي) الى مدينة مانشستر البريطانية. وكان والده قد اعتنق البروتستانية، وكان جدّه والد أمه احد قساوسة الكنيسة البروتستانية في جنوب لبنان، وكان البيت الحوراني في مانشستر يجمع بين ذكرى الوطن والتشوّق اليه وتمثيله، وبين الحياة الجديدة، في هذا البيت ولد البرت حوراني في شهر اذار سنة ١٩١٥، وفيه نشأ، وهناك تلقى علومه في المرحلة الابتدائية.

درس البرت في مدرسة ”هل” اللندنية ثم في كلية ”مريم المجدلية” في اوكسفورد سنة ١٩٣٣. هناك لم يدرس التاريخ، بل درس الفلسفة والاقتصاد السياسي، أو الدراسات الحديثة الكبرى. (Alprazolam) يقول نقولا زيادة: عاصرت البرت بعض الوقت في جامعة لندن وهو من ألذين تأثروا بكتاب كولينغوورد ”معنى التاريخ”. لم يكن كتابا تسهل قراءته، لكن مثل هذا الكتاب لا تقرأه وأنت على كرسيّ مريح، يجب ان تقرأه وأنت يقظ جسما وعقلّا.

في اوكسفورد اهتم البرت حوراني بالمشرق العربي والشرق الاوسط، من خلال ذاكرة ابيه فضلو وزيارة المؤرخ الكبير فيليب حتي لهم في مانشستر سنة ١٩٣٦، وشارل عيساوي القادم من مصر، والاضطراب الفلسطيني سنة ١٩٣٦ ايضا، والذي استمر ستة اشهر، فقام في ذلك الوقت بزيارة مرجعيون وبيروت، وعمل مدرِّسًا في الجامعة الاميركية لمدة سنتين، وهناك التقى الدكتور شارل مالك وقسطنطين زريق، ونال قسطًا من اللغة العربية يمكّنه من متابعة محاضرات زريق في التاريخ الاسلامي.

الى ذلك، قرأ البرت حوراني ما بين عامي ١٩٣٥ و ١٩٣٨ كتاب لورنس العرب ”اعمدة الحكمة السبع” وكتاب جورج انطونيوس ”يقظة العرب”. وفي عام ١٩٣٩ كان في لندن، عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، فعرض عليه الانضمام الى المعهد البريطاني، فوافق وانغمس في العمل السياسي، الى ان أرسل عام ١٩٤٢ للقيام بتحقيق حول احدى القضايا الشرق اوسطية، ثم عمل مع وزير الدولة البريطاني للشرق الاوسط في القاهرة – العاصمة المصرية…

 

دراساته ونشاطاته الفكرية

زار البرت حوراني سوريا ولبنان والعراق وشرق الأردن ما بين عامي ١٩٤٨ و١٩٥١، حيث التقى في الاردن غلوب باشا، ويذكر انه كان على اتصال بالمؤرخ ارنولد توينبي. ولدى صدور كتاب ارنولد توينبي ”دراسات في التاريخ” تناوله البرت بالنقد العلمي.

 في التدريس عمل في المكتب العربي، وعاد عام ١٩٤٨ الى اوكسفورد، لدراسة تاريخ الشرق الاوسط الحديث، وعام ١٩٥١ عيّن محاضرا في الجامعة، وتزوج عام ١٩٥٥. نشر كتاب ”روّية للتاريخ — عام ١٩٦١”، وعام ١٩٦٢ صدر له كتابه الشهير”الفكر العربي في عصر النهضة”، الذي تمت ترجمته الى العربية.

عام ١٩٥٧ عاد البرت حوراني الى الجامعة الاميركية في بيروت، وكلّف بادارة مركز الشرق الاوسط في كلية سان انطوني للدراسات العليا في الدراسات الدولية والتاريخ الحديث، ثم زار الولايات المتحدة الاميركية. مابين عامي ١٩٦٥ و١٩٨٠ ركز نشاطه على القراءة والتأليف، وصدر له كتاب ”اوروبا الشرق الاوسط” و”ظهور الشرق الاوسط” ثم كتاب ”تاريخ الشعوب العربية”، وتقاعد عام ١٩٩٢ للتفرغ للكتابة…

نموذج من أفكاره

يقول البرت حوراني عن ثقافة الشعب ما يلي : ”الاعتقاد الاكثر انتشارا والذي كان في الواقع شاملا، تقريبا، كان الاعتقاد بالارواح والحاجة الى ايجاد طريقة للتحكّم بها، كان الجن ارواحًا لها اجسام من البخار او اللهب، تستطيع ان تظهر امام الحواس، غالبا بشكل حيوانات، وقادر على التأثير في حياة البشر، وكانوا اشرارا احيانا، او على الاقل من العابثين، القادرين على الاذى، لذلك، كان من الضروري محاولة السيطرة عليهم… كان من المسلّم به، في جميع الحضارات السابقة للعصور الحديثة، ان الاحلام والرؤى يمكن ان تفتح بابا الى عالم غير الحواس. فقد تأتي بمراسيل من الله، وقد تكشف ابعادا مستترة من روح شخص ما، قد تأتي من الجن والابالسة، والرغبة في تفسير الاحلام، كانت عامة، وكانت تعتبر على العموم شرعية، فالاحلام تطلعنا على اشياء يهمّنا ان نعرفها”…..

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *