كي لا يصبح عرفاً
خليل الخوري
لا يزال المشهد الحكومي غارقاً في ضباب كثيف وغموض غير خلاق. وفيما كان ثمة موعد مضروباً اليوم الأربعاء، مع تباشير نور ضئيل في آخر نفق التأليف، كان المشهد حتى منتصف الليل يراوح بين سلبية مطلقة وإيجابية الحد الأدنى.
وسيان أكانت الحلحة أخذت طريقها نحو تشكيل الحكومة أم أن العقد لا تزال تتعاظم، وتزداد تعقيداً، فالمطلوب أن نعرف لماذا نحن عاجزون عن تحقيق انتقال طبيعي في السراي الكبير بين حكومة تستقيل وثانية تتعذر ولادتها؟!.
هذا هو السؤال الكبير الذي يطرح ذاته بإلحاح شديد، والذي لم يعد ممكناً تجنبه والهروب منه الى تقديرات سخيفة، أو أجوبة غير منطقية…
ومهما كان بعض الأجوبة مصيباً من تلك التي توجه الاتهام من فريق الى الاخر، والعكس أيضاً في ما نعرف من تواشيح واتهامات متبادلة مخزية، فإننا نرى الأزمة في مكان مختلف:
أولا – نود أن نصدق أن هذا الحزب وذاك التكتل لا يريدان للحكومة أن تبصر النور.
ثانياً – ونود أن نجاري الذين يقولون أن البعض يعتصم بحبل التكليف ولكنه لا يريد التأليف.
ثالثاً – كما نود أن نقول مع القائلين بأن هذه الجهة لها مصلحة في هذه المرمغة لأنها تستفيد منها في تحقيق مكاسب عشية الاستحقاق الانتخابي.
رابعاً – ثم نود أن نذهب مع الذاهبين الى أن جهة مقابلة تماطل لتتدارك الهبوط في شعبيتها…
خامساً – من ثم نود أن نقتنع بما يتردد، وبقوة،
إن هذه الدولة الإقليمية تريد توظيف الورقة اللبنانية في محادثاتها مع الولايات المتحدة الأميركية… الى ما هنالك من أقوال بعضها محق وبعضها يجافي الحقيقة.
ولكن، هل يبقى البلد من دون حكومة؟ أوليس من مخرج قانوني؟ ألا يوجد ما يمكن الانطلاق منه للتغلب على الأزمة؟
إنها أسئلة مشروعة تطرح، في تقديرنا، هذه المسألة على نطاق واسع،
كي لا يصبح تعذر تشكيل الحكومة عرفاً يقول به ويسير عليه الذين سيتولون شؤوننا في المستقبل.
قد يذهب القارئ الى أننا نبالغ في هذا المقام، ولكن تجاربنا مع هذا الجيل القيادي الهجين، تجعلنا نتخوف من أن يكون الآتي أعظم، في التردي والتخاذل واللامسؤولية، هذا إذا كان ثمة إمكان لأن تلد النساء أسوأ وأكثر رداءة من هذا الزمن الرديء.