الأخطر من الأزمة

Views: 852

خليل الخوري 

أخطر من الأزمة، بل من المأساة التي يعيشها اللبنانيون، تأقلمهم معها وكأنها حال طبيعية!

يُسقط الدولار حاجز العشرين ألف ليرة… وردة الفعل: ماشي الحال.

تضرب أسعار السلع الأرقام الخرافية، ومع ذلك: ماشي الحال.

يتجاوز سعر السندويتش الواحد الأربعين ألف ليرة، ومع ذلك: ماشي الحال.

تمتد صفوف أرتال السيارات مئات الأمتار، على رقعة الجغرافيا اللبنانية كلها تقريباً، ومع ذلك: ماشي الحال.

ست بواخر – حاويات البنزين والغاز وصلت الشاطئ على اساس انها ستفرغ حمولتها فتحل ازمة المحروقات عموماً والتيار الكهربائي بالذات. نحو عشرة أيام مرت، والأزمة تتفاقم. ومع ذلك: ماشي الحال، من دون اي توضيح. فهل أفرغت او أنها لم تفرغ؟ لا نعرف، ومع ذلك: ماشي الحال.

هل أفرغت الحمولة وجرى توزيعها على معامل الكهرباء؟ لا نعرف ولكن الطوابير تمشي حالها ازدياداً وطولاً وعرضاً أيضاً إذ انها بدأت بصف واحد وصارت بصفين والثالث قريب، حتى لو أقفلت الشوارع والاوتوسترادات وتضاعفت الحوادث بين الناس «العايفة سماها». ثم هل افرغت الحمولة الى التهريب عبر الحدود؟ لا نعرف ولكن ماشي الحال.

من ثم هل افرغت وتحوّلت الى الخزانات؟ أيضاً لا نعرف. ولكن ماشي الحال.

الصراع، حد الاشتباك بالأيدي وما يتيسر من سلع وأكياس وعبوات، داخل المتاجر، على ربطة الخبز وكيلو الرز، وعبوة الحليب لم يتوقف، ولكن: ماشي الحال.

ما في حكومة؟ «معليش» ماشي الحال.

العالم يؤنّب القوم عندنا ويبهدلهم  ويهينهم ويتوعّدهم ويسخر منهم وأقل ما يتهمهم به انهم فاسدون وأنهم يؤثرون مصالحهم الذاتية الضيقة على مصلحة الوطن، وانهم أفلسوا سياسياً (لا مالياً، لا سمح الله!) و… ماشي الحال.

يعملون لتهريب الانتخابات النيابية العامة في الربع المقبل؟ اي نحو التأجيل الذي سيتناسل تمديدات! ماشي الحال. اما الرعية فلسان حالها:

نتصارخ، نتخانق نتشاتم(…) من أجلهم وإكراماً لسواد عيونهم… ماشي الحال.

ولأن الحال ماشية بالرغم مما تقدم، وهو غيض من فيض… فإننا نستجير بالأديب المرحوم الشيخ سعيد تقي الدين ربما للمرة المئة، مرددين قوله: «الرأي العام بغل».

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *