سجلوا عندكم

ألوانُكِ البَهاءُ، يا أنتِ

Views: 885

مقتطفات  من ديوان  “ألوانُكِ البَهاءُ، يا أنتِ نَشيدٌ لأجلِ أطفالِ بيروت” لفارِسْ الحَرَموني المَهْجَري

الصادر حديثًا عن دار نلسن في بيروت  مهدى “إلى أطفالِ بيروت الذين عانوا هَمَجِيّةَ تفجيرِ مَرْفأِ مَدينتِهمْ والذي سَرَقَ مِنْهم بَراءَةَ طُفولَتِهِمْ ونَقاوَتَها”. 

(*) الصورة الرئيسية: لوحة بريشة الفنان إيفان دبس

 

 

فارِسْ الحَرَموني المَهْجَري

 

 

العاجي

 

 

أنا رزينُ الألوانِ وَقُورُها والرَّصانةْ

حَمَلني إليكِ مُلوكُ وأُمَراءُ الجُنوبِ

تُحَفاً وهدايا وخَزائِنَ لِنُبَلائِكِ والجَّميلاتِ

كَيْ يَحفَظوا أسرارَهُمْ ورَسائلَ العُشَّاقْ

 

 

ثم طارَ ورَفرفَ شاهِقاً فوقَ غاباتِ الإسْتِواءِ وأكملَ التِرحالْ

 

 

الأخضر 

 

 

أنا سيّدُ الخُصُوبَةِ والصَّبْوةِ والمقاماتْ

وحُسنُ الحظِّ والتّجَدُدُ وسَخاءُ العَطاءْ

اختارَتْني الرِّسالةُ العربيّةُ لوناً لِلأَتْباعْ

وحَامي صَفاءَ الطبيعةِ وكلَّ شيءٍ حَيّْ

 

 

ثم طارَ وزارَ الزيتونَ والنخيلَ والكَرمَةَ والأرْزَ والسِّندِيانْ وعادَ إلى البَهاءْ

 

 

البرتقالي

 

 

أنا الرنّانُ الوهّاجُ أنا لونُ البَهرَجةْ

أنا الحَماسَةُ والنَّخْوةُ وصَحْوةُ الْهِمَّةْ

خَصائِلُ أهلِكِ وحَرارةُ الحَمِيَّةِ والإنْفَةْ

يُنبوعُ ماءِ الزّهرِ من لَيمُونِكِ والبُرتُقالْ

 

 

ثم طارَ وتَنَشّقَ زهرَ اللّيمونِ وأطلّ على غُروبِ الشمسِ وحَلّقَ عالياً

 

 

الأَصْفَرْ

 

 

أنا ثَوبُ الحُبورِ والبَشاشَةِ والبَهْجةِ

أَسْتَبشِرُ مُتفائلاً كُلّما ذَكرَتْكِ الآلِهةْ

وأنتِ الإشعاعُ ودِفءُ الصيفِ والسَّنابِلِ

وجَدائِلُ الذهبِ وتِبْرُ العُمرِ والأيامْ

 

 

ثم طار ورَفرفَ سلاماً على بيادرِ القمحِ والحَصادِ وشمسِ الأصيلِ وأكملْ

 

 

البني

 

 

الأرضُ والتُربةُ الخَصْبةُ منِّي وعِندي

والدِّفءُ والزّرعُ والتّكبُّدُ وعَرَقُ الفلاّحْ

الأمانةُ والثّباتُ والوَفاءُ فَضِيلَتي

ومُونَةُ الشتاءِ ولمُّ الشّملِ وحَطَبُ النّارْ

 

 

ثم طارَ وعَلا فوقَ الجِّلالِ والحقولِ عائداً الى البَهاءْ

 

 

الرمادي

 

 

أنا رَصِينُ المَظهرِ وحُرمَةُ الأمانْ

وعِندي الحَصَافةُ والتواضُعُ والإعتِدالْ

كما الخَفرُ والتّعفّفُ والحِشْمةُ كُلُّها

والثَّباتُ والحَصانةُ وماءُ الوجهِ

 

 

ثم طار وارتَفعَ وحلَّق بعيداً عائِداً

 

 

 

الأَسْوَدْ

 

 

 

ألمَنونُ والهَلاكُ والتّفجُّعُ والنُّواحُ مِنهُ

ألمصائبُ والأتْراحُ والشّرُّ والفَناءُ مِنهُ

ألكَدَرُ والعُقُوقُ والإثمُ والبَلاءُ مِنهُ

لا أنتِ مِنهُ ولا تِلكَ مِنكِ يا دُرّةَ المَدائنْ

 

 

لأنَّكِ يا بيروتْ، أنتِ البَهْجَةُ وفَضاءُ الألوانْ

هكذا صَرَخَتْ الإِلَهةُ إيريسْ عندما ركَعَ الأسودُ أمامَ أقدامِ بيروت الجّريحة.

عندها انفلَجَتِ الأرضُ وهَدَرَتْ وجَلْجَلَتِ السّماواتُ فَهبَطَ الأسودُ قاعِراً يُوَلْوِلُ:

يا شْحارِ البَينْ

يا غْرابِ البَينْ

يا شْحارِ البَينْ

وينْدُبُ ماضِيَهُ والآتي

 

 

 

الأَبْيَضْ

 

 

 

السِّلمُ والسَّلامُ والحَمَامُ الأبيضُ منّي

ونورُ مريمَ والرحمن الرحيم مِنهُ وعنّي

 الخُشُوعُ والصَفاءُ والطَّهارةُ والصَّلاحُ

والنَّصاعةُ والبَراءَةُ وثلجُ حَرَمُونَ لَوني

 

 

وكَملاكِ السّماواتِ ارْتَقى وسَما

 

 

 

 

إيابُ الرَّسولَةْ

 

 

 

ثم آبَتْ إيريس إلى مَجْمَعِ الآلِهةِ بعدَ أن تَعَبَّدَتْ خاشِعةً أمامَ نَجمَةِ البحرِ وبابِ السّماءِ السّعادةْ، حاملةً مَعها سَلامَ وعُرفانَ بيروت ورجاءَها، يصحَبُها رَتلٌ من الملائكةِ الشروبيم مُرَنِّمينَ:

 “من له بَصيرةٌ وعَينانْ فلْيَتسامَى بِالألوانْ”

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *