سجلوا عندكم

لا قلب لا وجدان

Views: 465

خليل الخوري 

 

أيها السارقون نوم الحزانى كيف تهجعون؟

أيها اللابسون عُري اليتامى كيف تدفأون؟

أيها الكارعون ريّ العطاشى كيف تُنقعون؟

أيها الآكلون خبز الجياع كيف تشبعون؟

أيها الراضعون ثُديّ الثكالى كيف تسمنون؟

أيها السائقون ظعن المنايا كيف تهزجون؟

أيها المستحمّون بالدم الحي كيف تطهرون؟

أيها المدلجون، إذ يقبل الفجر: أين تدبرون؟

أيها البائعون سم الأفاعي هل سوى السم تربحون؟

#البيادر

#مـيخائيـل_نـعيمـه

 

استوقفني الكلام، أعلاه، الذي يلامس عمره نحو قرن من الزمن، للأديب اللبناني الكبير الراحل ميخائيل نعيمه ابن بسكنتا الشامخة في أحضان جبل صنين، والمعروف بـ”فيلسوف الشخروب”.

إنها صرخة من أعماق ذلك المبدع الذي حمل قضية الإنسان، في المطلق، على امتداد حياته الطويلة، فكان نصير المظلومين والمعنَّفين والمقهورين وأصحاب الحقوق المهدورة…

ولقد تبيّنتُ من النداء الذي أطلقه في وجوه الظالمين وجِعاً، يشبه الوجع الشامل الذي يعانيه اللبنانيون، في هذه المراحل القاسية من تاريخهم:

فلقد نام اللبناني على رغد العيش، فاستيقظ على فقر وجوع.

نام على رصيد يتمثّل بودائع في المصارف، فاستيقظ على عدم القدرة على سحب أدنى الأدنى منها بالعملة التي أودعها بها.

نام على سلّة غذائية منوّعة في متناول يده وجيبه… واستفاق على عجز حتى عن الحد الأدنى من محتوياتها.

نام على صفيحة البنزين بسعر يراوح بين 25 ألف ليرة، ليستفيق على سعرها يلامس 250 ألف ليرة.

نام على أبنائه في المدارس والجامعات التي اختارها وفق إمكاناته القادرة، ليستيقظ عليهم في الشارع، لأنه افتقد القدرة على إعادة تسجيلهم حيث كانوا، بسبب عدم تمكنه من رسوم التسجيل وتسديد الأقساط.

نام ونام ونام على… ليستيقظ ويستيقظ ويستيقظ على النقيض.

هل حدث ذلك بقرارٍ ربّاني؟… هل أُنزل بقفة من السماء؟…

الجواب ، بالطبع: كلّا.

الجواب في ما كتبه ميخائيل نعيمه، قبل نحو قرن من الزمن.

الجواب، بوضوح تام، هو عند اللصوص والمرتكبين والفاسدين الذين تولّوا شؤوننا طويلاً، فعاثوا فساداً بلا حدود… وخصوصاً بلا حسيب أو رقيب…

الجواب هو عند الذين سرقوا نوم الحزانى. أما كيف يفعلون ذلك ثم ينامون ملء عيونهم، فلأنهم من دون قلوب.

والجواب عند الذين عرّوا اليتامى وارتدوا ألبستهم… أما كيف يدفأون، فلأنهم من دون ضمائر.

والجواب هو، كذلك، عند الذين يكرعون ما يروي العطاش، ورغم ذلك يستطيعون النوم، لأنهم من دون وجدان.

والجواب عند الذين يأكلون خبز الجياع، وينامون ملء القاعة شخيراً، غير مبالين بما جنت أيديهم، لأنهم بلا كرامة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *