أيها التائهون في مسارات الضلال
وفيق غريزي
أتيتكم من أقاليم الوعود والأحلام
أضيء لكم عتمة الطريق
إلى مدائن البال والظنون
آت لأطفئ لهب الأوهام
تسكنكم صورة محفورة على مرايا الظمأ
أيها الواقفون على مفارق الصمت
والبريق
كلماتي خبز على موائد اللايجيء
يشرعّ لي أبوابه السكون
أنا في عتمة الليل منارة
لا يقظة للخائفين قبل القيامة
متجذر في الأرض في بال المواعيد
كلماتي فيض من دم الوريد
أيها الساكنون مفازات البعيد
أيامكم فجائع
وسبايا مستباحة
***
غدًا سنغدو رحلا
في صحارى الذكريات
يتوقف على أعتابنا الزمان
المكان لم يعد مكان.
عبر دوائر الوجود
هراء، كل الحدود
بعد دورات من المجيء والغياب
نصير برقًا ورعودًا وضباب
كلنا إخوة تحت التراب
أنا بين الناس إنسان غريب
أشرّع نوافذي على تواريخ الهزائم
أيها الآتون من رحم الخطايا
من عمق الصراخ والنحيب
كؤوسكم مترعة بعصارة المرارة
الناي أنا، ونشيد الاحترأق
آت إليكم من نسوغ الاشتياق.
***
نبت للعقل جناح
تحررت من كل انتماء
إلى وطن
إلى قبيلة
إلى عقائد بائدات
إلا من عشق النساء
إنه عقلي البريء
جلدي لم تلسعه نار الحريق
كفرت بالأوهام
وما ورثت من أفكار
التعصب يحولنا إلى ذئاب
انتبه أيها الإنسان
أيها الغارقون في البؤس والحماقة
أجسادكم تفتقد الرشاقة
تعصف في أعماقكم ريح السفالة.
***
أيها التائهون في مسارات الضلال
يلفحكم غضب السماء
من يردكم إلى أديمها الأشواق؟
منزرعون على تراب أرض هباء
لستم سوى ظلال
لا ثمر على أغصانكم ولا أوراق
وأنت أيها المبدع الخلاق
بين قوم تفهاء
يغرب ليلك فيلقاك النهار
كل ما حولك
بوار
بوار
بوار.
***
أيامنا تمضي ونحن في العراء
ننشتل في أرض المقلقات
نسير نحو المصير
في زمن هطال شوكا وزفير
ها هو اللاوعي يفتح الأبواب للآتي
فنغدو زهرًا ونقاء
كل ما في الخارج وهم وهباء
كل ما في الداخل وهج وضياء
في مدائن العدم
تثمر أشجار الاحتقار
أيها الآتون من سراب الملذات
إلى سراب الظلمات
إلى مكان ليس له أعماق
مسورًا بالصدأ
عيونكم جفت، خبأ تحتها الإشراق
تسحقكم حجارة الحسرات
***
هاكني أستغيث بالآتين
من دنيا المعرفات
أنقذوني من المهاوي المهلكات
هم في البال شهد الذكريات
أسألهم عن مفاخر الماضي
عن عرش الوصول
عن غابة الرحيل
فكان الصمت هو السؤال والجواب
وآهات يباب
أنا في أعماق اللحظة أذوب
كل ما يغري في هذه الأرض محال
أسكبوني في خواب
صاغها خمر الفصول..
