سجلوا عندكم

سلمان زين الدين ناقدًا “في الرواية العربية” و”في الرواية العالمية”

Views: 1095

سليمان بختي

 

يواكب الناقد سلمان زين الدين المشهد الثقافي اللبناني والعربي مواكبة دقيقة وحثيثة من خلال النقد والإنتاج الإبداعي شعرا وأدبا. وذلك منذ أكثر من ثلث قرن ومن خلال مساهماته في الصحف والدوريات اللبنانية والعربية.

وهذا الحضور أفضى إلى ثمانية كتب في النقد الروائي والتي تحتوي على مراجعة نقدية لـ 360 رواية لبنانية وعربية وعالمية. وخمس مجموعات شعرية، وكتابات في الأدب الريفي وكتاب شعري للأطفال. والهمة تتسع لمزيد من الكتب والعطاءات.

وآخر ما صدر له كتابان: ” في الرواية العربية” و” في الرواية العالمية” (عن الدار العربية للعلوم-ناشرون). يتضمن الكتاب الأول “في الرواية العربية” قراءة في 50 رواية لبنانية وعربية لأجيال مختلفة وتجارب متنوعة واتجاهات مغايرة. وتطرح هذه الروايات ليس فقط همومها وتفاعلاتها بل الأسئلة النابعة من قلب الواقع العربي وفي سياق اللحظة التاريخية الراهنة. كما تشمل طرق معالجة المواضيع والتيمات التي تطال المجال السياسي والتاريخي والاجتماعي والثقافي والوطني والقومي والإنساني. وتدخل في إشكاليات وجدليات كثيرة مثل: المركز والأطراف، الحرب والسلم، التخلف والتقدم، الإقامة والهجرة، الحياة والموت، السلطة والاستبداد، الخلود والزمن، المرأة والحب، المثقف والسلطة والدور،    التسوية الممكنة والحل المستحيل، الشرق والغرب. ونذكر من أسماء الروائيين اللبنانيين والعرب: علوية صبح وحسن داوود وكاتيا الطويل وسليم بركات وعبد المجيد زراقط وأمين الزاوي ولينا هويان الحسن ورنا الصيفي وشذى الحسن وواسيني الأعرج وأمير تاج السر وأحمد المديني وغيرهم. 

 

أما الكتاب الثاني “في الرواية العالمية” فهو يتناول روايات وأعمال عالمية مترجمة من مختلف لغات العالم ولروائيين من كل أنحاء العالم. وتطرح هذه الروايات أسئلة ومشكلات يعاني منها العالم اليوم في لحظته الراهنة والقلقة. وتشمل هذه الأسئلة والمواضيع: الحروب الأهلية، تجارة الرقيق، الثروة والفقر، الحب والصداقة، العنصرية والأبعاد والاندماج، الجريمة المنظمة، العبودية، السلطة وممارساتها، الأوضاع والتحولات الاجتماعية والثقافية والشرق والغرب. ومن أسماء الرواية العالمية نذكر: التشيلية إيزابيل ايلندي والبريطانية فيرجينيا وولف والإيرلندي جيمس جويس، والأميركي ستيفن كينغ والإيطالية إيلينا فيرانتي، والتركية أليف شافاق، والسويسري ماكس فريش واللبناني الفرنسي أمين معلوف، والمغربي الفرنسي الطاهر بن جلون، والكاميرونية لينورا ميانو، والياباني توشيكازو كواغشي، و الفرنسي جلبير سينويه، والروسي ديمتري لبيسكروف، والبوسني فاروق شهيتس، والأيسلندي أرنالدو أندريداسون والغوادولومبية ماريز كوندي وغيرهم. 

نحن إزاء كتابين نقديين في الرواية يختصران المواضيع والتجارب التي تقض مضجع الروائيين والروائيات في الشرق والغرب. وترانا نرى العالم على حقيقته ومتمظهرا بالحروف والكلمات. ولكن، السؤال، كيف يواجه الناقد- أو بالأحرى- كيف يتصدى لعمله- فينجو من مطبات أو ثغرات.

 

1- ينطلق سلمان زين الدين  إلى عمله  النقدي بأفق مفتوح في التعامل مع النص ولا يسقط عليه النظريات النقدية من الخارج ولا يستبق أحكامه قبل أن يفض النص أختامه.

2- لا يتأثر سلمان زين الدين بتاريخ الروائي وتأثيره وإنجازاته وجوائزه خلال عملية القراءة. وبهذا المعنى لا يكتب نصا انطباعيا سريعا أو مراجعة أكاديمية تلتزم القواعد والشروط البحثية الصارمة بل هو في الواقع يختار الوسطية بين منزلتين. كما يتجنب إطلاق الأحكام الجاهزة على النص إنطلاقا من أمرين:

1- أن النص بحد ذاته حمال أوجه ومرآة أحوال.

2- أنه لا يتوخى تعليب رأيه في قراءة واحدة موجهة. وبذلك نراه يفسح بالمجال لمقاربة محتملة أو رأي مغاير كما أنه يحترم الروائي والقارئ والعمل ومعاييره النقدية على حد سواء. يهمه العمل أن ينطق ويضيء السراج ويمنحه الخفايا والأسرار.

ولكن بالمقارنة بين الكتابين نصل إلى تجربة في الأدب المقارن ونجد التقارب في المواضيع يكاد أن يكون شديدا والأسئلة مشتركة ولو أن الاختلاف الجزئي بين العالمين واضحا. ذلك أن التقنيات المستخدمة تكاد أن تكون متشابهة ولو اختلفت الأساليب ودرجة تطور المجتمعات ومستويات التربية والثقافة.

ولكن السؤال الأبرز في هذه التجربة الغنية التي يقدمها سلمان زين الدين في قراءته للرواية العربية والرواية العالمية هو كيف يمكن أن تقترب الرواية اللبنانية والعربية لتجد مكانها في العالم أو بالأحرى كيف يمكن أن تقترب أكثر فأكثر من العالمية. لعل الجهد هنا يجب أن يبذل في نطاق الترجمة وفي العمل على تفعيل ترجمة هذه الروايات بما يكسر الحاجز بينها وبين العالمية. كما أن محلية هذه الروايات تمنحها أصالة المكان والمناخ والهوية والمعالجة وتدفعها بإتجاه الفرادة والتميز.

أخيرا، أن هذه المادة المتسعة والمستوعبة لتجارب الرواية لبنانيا وعربيا وعالميا يجعلها تشكل حالة نقدية- روائية نادرة الحدوث. كما يجعل منها أنطولوجية روائية جديرة. ولعل هذا الجهد النقدي والتوثيقي الآتي من الحق والحقيقة الذي يقدمه سلمان زين الدين في الكتابين “في الرواية العربية” و”في الرواية العالمية” يشكل  مرجعا لا بد منه للباحث والمهتم والمتابع، ورحلة غنية بالآفاق للقارئ، وحاجة لا بد منها للمكتبة النقدية المختصة بالرواية ودورها وآثارها في قضايا الزمن المعاصر. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *