الخطاب السياسي وخطابنا

Views: 853

خليل الخوري 

قامت الدنيا ولم تقعد، في باريس، لأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استخدم ما وصفه كثيرون بأنه كلام «مبتذل». الصحف ضاقت صفحاتها بتناول هذا الموضوع الذي تحوّل الى قضية رأي عام… ووسائط الإعلام عموماً لم تقصّر في المتابعة والتغطية العريضة، خصوصاً في وسائط التواصل الاجتماعي، وبالطبع عبر شاشات التلفزة إلخ…

ما هي خطيئة ماكرون التي لا تُغتَفر؟ وأياً من الذنوب الكبيرة التي ارتكبها نزيل قصر الإليزيه في ما تبقّى له من إقامة فيه، رئيساً للدولة الأولى في العالم التي اعتنقت شعارها الثلاثي: حرية، مساواة، أخوّة؟!.

الواقع أن السيد ماكرون قال إن حكومته قررت أن «تُزعج» الفرنسيين وسائر المقيمين في فرنسا الذين يرفضون أن يتلقوا اللقاح الواقي من فيروس كوفيد-19، كأن تتناولهم تدابير من شأنها التقليل القسري من اختلاطهم بالآخرين، كمنعهم من دخول صالات السينما والنوادي (…) وإلى ما هنالك من أماكن الاختلاط بالآخرين وجوباً، فتبقى هذه محصورة بالذين تلقوا اللقاح… أما الغاية فهي الحرص على الصحة العامة.

واعترف بأن الأمر أربكني سواءً من حيث القرار، أم من حيث الحملة الشديدة المناهضة له، أم (خصوصاً) من حيث وصف كلام الرئيس بالابتذال لأنّه توعّد بإزعاج غير الملقّحين…

والنقط الواردة أعلاه يجب أن يكون المتوقّف أمامها على خبرة، وأقله على اطلاع على رحابة الممارسة الديموقراطية، في فرنسا، ليتفهم الاعتراض. وعلى صعيد شخصي، استعدتُ مما تقدم أعلاه، قاموس التخاطب السياسي عندنا، مقابل الـVocabulaire الذي استخدم منه إيمانويل ماكرون كلمة إزعاج! فأين القوم، عندنا، من الردح والـ»تواشيح» في الشتم، والطعن، والقدح والذم، والهجاء، وعبارات الحقد والكراهية والبغضاء (…) التي لا تغيب عن ألسنة الأقوام في حق بعضهم البعض، وهي كثيراً ما تصل في الانحطاط إلى اللهجة السوقية والزقاقية؟!.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *