“ملعون كلّ من علّق آماله على بشر”

Views: 372

أنطوان يزبك

 

من معاثر الإنسان الكذب والرياء.

أن نقول نصف الحقيقة وكأننا ارتكبنا أكثر أنواع الكذب جبنًا.

التعامل بين الناس على أسس خاطئة يجعلنا نهوي في لجج من اليأس.

 

طوى عصورًا ليصل إلى درجات عالية من الرقي، لكن الإنسان راكم أفعالا ومساوئ من بينها تشويه الحقائق واختراع صنوف وأنواع من الأكاذيب والاغتياب من خلال التفوّه بكلام مختلق وضرب كل صيغ التواصل… كل ذلك من صنع عقول مريضة بنت علاقات قائمة على الكذب والرياء، ولا ريب أنه حيث تكون، تموت حالا الأخلاق، فتصبح الحياة جحيما ومكانا كارثيًا للإقامة فيه، خاصة لفئة الطيّبين والصادقين ممّا حدا بفولتير إلى القول: “أسوأ الناس حظًا، الصادقون  في المجتمعات الكاذبة”!..

حتى الحقيقة متى التاثت بلوثة الأذى وتعمّد القهر والإذلال لا تعود حقيقة، ها هو وليام بلايك يدعم هذه الأفكار بقوله: “الحقيقة التي تروى بنيّة سيئة وبهدف الأذى، هي من أسوأ أنواع الكذب”.

الأفكار الشريرة تغذي البغضاء، تهدم العلاقات وتفرّق بين صديقين، أخوين أو حتّى حبيبين، يقول نزار قباني: “إثنان لا تبقَ معهما دقيقة واحدة من لا يفهمك ومن لا يقدّرك”.

العلاقة الناجحة إذن تعتمد على الفهم، الاحترام المتبادل والتقدير العميق، ومتى فقدت هذه العناصر غرقت العلاقة في كذبة كبيرة وزيف وخداع وأقنعة أقل ما يقال عنها إنّها شيطانيّة، ومصدر اخطار لا حدود لها ..

الكذاب هو قاتل، مهما حاول البعض استخدام علم النفس لإيجاد له تبريرات وأسباب وظروف، قاتل معلن محترف وبدماء باردة، قتل الله في داخله ، قتل الحقيقة في مهدها، قتل ذاته عندما منعها من الاكتمال والإيناع في جو من الخير والعدالة والجمال، كما وفوق كل ذلك فقد قتل الأمل داخل الإنسان الذي كذب عليه.

ختامًا يبقى أشدّ أنواع الكذب ذلك الذي يتقمص قميص الدين والتديّن من أجل أهداف قاتلة ومشبوهة، أكاذيب مفجعة سببت حروبا وابادات، ملايين الضحايا وآلام لا تمّحى، هذا ما جنته نفوس مريضة عبر العصور، ما دفع مار اوغسطينوس  إلى القول:  “ملعون كلّ من علّق آماله على بشر”.

كان حريّا  بأوغسطينوس أن يزيد: على بشر مرائين وكذابين! فهو بذلك بضع الحقيقة في ضوء باهر لا مجال أبدا في مجادلته..

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *