دولة بلا قرطاسية
خليل الخوري
صودف أن كنت، أمس، في زيارة لإحدى الهيئات الرسمية المهمة، وخلال تبادل الحديث مع رئيسها كانت ثمة ضرورة لقصاصة ورق لتسجيل بعض الملاحظات… والمفاجأة أن لا قرطاسية، أقلاماً وأوراقاً، ما اضطر الرجل إلى أن يستخدم أوراقاً مستهلَكة للكتابة على الوجه الثاني… علماً أن ما توافر من قرطاسية، وهو دون أدنى الحد الأدنى، كان على نفقة الهيئة ذاتياً، وليس من موازنتها شبه الوهمية؟!.
والسؤال: من أين ستأتي الدولة بالأموال لتسيير شؤونها؟ ليس هذا السؤال المركزي وحيداً في التحرّج، فثمة ما هو أكثر منه وقعاً: كيف ستتمكن الدولة من توفير الظروف الملائمة، مالياً وإدارياً ولوجستياً، لإنجاز استحقاق انتخابي طبيعي في الخارج، حيث مئات أقلام الاقتراع على امتداد القارات الخمس؟!.
أما السؤال الأشد وقراً في الآذان فهو: من سيشرف على مجريات الأمور في العملية الانتخابية في دنيا الانتشار؟ ومن يستطيع أن يضع آلاف وسائط الإعلام المقرؤ والمسموع والمرئي تحت الرقابة؟ وكم يحتاج ذلك إلى إعداد من المراقبين المختصين؟!. ناهيك بوسائط الإعلام الإلكتروني التي لا تُحصى ولا تعد، وهو ما تعجز عنه دول عظمى وكبرى (…).
وبالتالي، ألا يضع أي خلل في هذا السياق إلى مجال رحب للطعن، الجدّي، في العملية الانتخابية كلها؟!.
إنها اسئلة مشروعة، لسنا ندري كيف سيتم التعامل معها، وماذا ستكون الأجوبة عليها، إذا كان ثمة أجوبة في الأساس.
إن الدولة اللبنانية مفلسة، وحالها مثل حال الشعب اللبناني.
وعليه بات على المسؤولين أن يوائموا بين مياه حتمية إجراء الانتخابات النيابية العامّة ونار «شهادة فقر الحال» المعلَنة رسمياً، وعلى رؤوس الأشهاد من قبل خزانةٍ فارغة، فأين المفرّ؟!.
إن الواقع القاسي يحتّم إجراء الانتخابات أقله من أجل حفظ ماء الوجه تجاه القريب والبعيد، والتزاماً بالنصوص القانونية الدستورية والوضعية… وفي المقابل لا إمكانات عملية في معظم المجالات والمعايير. وبالتالي فإن المأزق يكبر يوماً بعد يوم، وينتفخ إلى حد أن ينفجر، وهو ما لا نتمناه، بل إننا نصوم ونصلّي كي لا نصل وما تبقى من مقومات الوطن إلى هذا المحظور!