ماراتون الدولار
خليل الخوري
غريب؟
أكثر من غريب!
عجيب؟
أكثر من عجيب!
جنون؟
أكثر بكثير!
لا توجد كلمات يمكن اعتمادها لتوصيف هذه الهرولة صعوداً لتفسير هذا الارتفاع اللامعقول واللامفهوم في ارتفاع العملة الخضراء مقابل الليرة اللبنانية التي باتت مجرد ورقة لا قيمة لها تتطايرها عواصف السياسة والأرباح الخرافية التي يجنيها مجرمون على حساب هذا الشعب اللبناني المغفّل، الذي يقودونه إلى مهاوي لا قعر لها ولا قرار.
والأكثر غرابة أن الناس، الذين كانوا يتصدرون همروجة التظاهرات والثورة (أي ثورة) المصطنعة والتي ثبت أنها كانت مركّبة في المصانع الخارجية، أين هم هؤلاء الذين صار نحو نصف دزينة منهم نواباً يترهلون (باكراً جداً) على مقاعد ساحة النجمة؟
أين هم، وأين الذين انقادوا وراءهم، يكسّرون ويحرقون ويعتدون على الأملاك العامة والخاصة لأن وزيراً قرر رفع تعرفة «الواتسأب» فقط ستة سنتات لا غير؟!.
أينهم لا يحرك فيهم هذا الارتفاع الخرافي في سعر الدولار، إلى حد تجويع الناس، ضميراً ووجداناً ومشاعرَ؟ ويسأل سائلٌ: ولماذا لا تسأل أين هي الدولة؟ والجواب بسيط وواقعي ومباشر: لا نسأل أين هي الدولة (بأركانها كافة، وبإداراتها كلها) لأننا نعرف أنها غير موجودة، وإذا ما وجدت كانت متواطئة، وفي الأحوال كلها هي «متمسحة»!.
أين هي المرجعيات الروحية التي لسنا ندري ما يلهيها عن أن ترفع الصوت حتى الصراخ، ولا نقول العويل فهذا من شأن الناس «المهابيل» الذين يعتمد المتواطئون على بلاهتهم كي يمضوا فيهم إمعاناً في العذاب والإذلال والقهر!
يا للعار، أيها «المسؤولون»، وأنتم ترون عملتكم في هذا الانهيار اللامتناهي، وهي التي كانت في طليعة العملات الصعبة في العالم، مقبولة في المصارف الأوروبية والأميركية، ويتعاملون بها في أمهات البورصات… وهذا ليس كلاماً في الهواء، إنما هو حقيقة معروفة عشناها على الصعيدين الشخصي والوطني.
ولا يجوز أن تنتهي هذه العجالة من دون أن نعلن عن استغرابنا الشديد لارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في الليل، وفي أيام العطلة إذ لا بورصات ولا مَن يبورصون! فكيف يحدث هذا؟ وبأي منطق؟ وعلى أساس أي قاعدة مالية أو اقتصادية أو علمية؟
مرة جديدة نقول بحسرة عميقة: رحم الله الأديب اللبناني الكبير الراحل المرحوم سعيد تقي الدين في توصيفه الرأي العام!