نهر أشد قسوة من الأحجار
وفيق غريزي
آلهة الأرض شياطين تبتاع تقوانا
تمتص من شراييننا دمانا
آلهة وحشية اصطنعها جهلهم
البشر
ليخفوا جبنهم، واسانا
شيّدت داري على رمال
شطآنا
فصلا من الأمواج والأنواء
ومن الرياح والملح، عيونا وجفونا
للقمر اعماق مائية عميقة
بديع وجه الشمس
على خاصرة غابة من القلاع
والثمار
نهر اشد قسوة من الأحجار.
***
ظلام بلادي آخذ مني الحياة
وهبني الموت في آن
لأن العيش في محارة
درس تحفه العزلة
عناكب تنسج شباك السماء
تقول للكون وداعا
آلمني الضياء في جزيرة الأبكار
تركني حذرا ليلا ونهار
كما لو كان وهج غامض
يشد وثاقي، وينزل الستار.
***
نيران في جسدي تحرق اثوابي
تتغلل مخترقة اللحم والعظام
ابقيت نفسي عاريا على مدى الأيام
لم يسع للفهم أحد
ما لم يذق مرارة الضياع
ما لم يشعر بالبعد عن الأشرار
اللئام
كومة من الفحم حجبت عنا الأبصار
شعاع الليل وعتم النهار
في جرارنا لم يبق الا الطحين.. والضياء
لم يبق لي العيش
إلا بين الياًس والسطوع.
***
لم يضع يوم مني، معلقا فوق القباب
ولا نثارا قرمزيا يفتح الأبواب
ولا عيون الصقر المتقدة
كسكير انسلخ عنه الصواب
جبل معدني في صلابة الأحجار
اسنان.. تضاريس الأرض
أثر الأقدام مرئيا على الأعشاب.
إنه صمت العذاب.
ترصّع سماءنا النجوم
نتنفس من عمق الجذور
تبرعم الأرض الفصول
تنشر الألوان على حبات المطر.
***
قبائل تحرق النساء لحما وعظام
لا اعلم ما كان يتصاعد من اللحد
رمادا أم دخان
الى أن فنيت كل النساء
وانطفاًت النيران
لم يعد هناك توابيت أو دخان
وحده الليل واصل الحياة
في غمار ذلك الفناء
حملت هذه العروق دمي المسفوح
تنسّمت هواءها الأرجاء
ما استبقت لرئتي نسمة منه
ما الحياة يا رفيقي
إلا عظاما تستعار.
***
اقراً ما كتبوه عني
مستعجل الخطوات
أو شكا لا اراه
كأن المقصود به غيري
الكلام الطيب الخبيث
ظاهره مديح
باطنه هجاء وسباب
لم تنقر الطيور الأبجدية
عنقي ومقلتي
إلى من أنتمي؟
كيف ارتهنت وجودي
ما عدت أنتمي الى ذاتي
من يملك الآن
حيرتي.. شقائي.. وكبريائي.
