سجلوا عندكم

قراءة في رواية  “حكايات أبو النور” لمحمد مصطفى علوش

Views: 296

هناء غمراوي

عثرت على هذه القصة في مكتبة ابن أختي نبيل  المقيم في دالاس في تكساس. وذلك عندما  رافقته من أوكلاهوما إلى منزله بعدما التقينا هناك، في مناسبة عائلية حزينة.

أخبرني نبيل مساء بأنهم يغادرون البيت طوال النهار، واشفاقا علي من الضجر طلب مني أن أبحث عن بعض الكتب العربية في مكتبة الغرفة التي أقيم فيها.

في اليومين الأولين كنت أقيم مع حزني فلم أبحث عن جليسي المعتاد. ثم وفي لحظة استعدت ما قاله نبيل وتوجهت فورا إلى المكتبة.!

عثرت بين الكتب العربية القليلة على قصة بعنوان ؛ “حكايات أبو النور”. وكم كانت دهشتي عظيمة حين قرأت اسم الكاتب، محمد مصطفى علوش! أو ” أبو مصطفى” كما كان الجميع ينادونه. فهو كان صديقاً قديماً للعائلة وابنه البكر مصطفى هو من أعز الأصدقاء أيضا.

اذن كاتب القصة هو من طرابلس ولكنه رحل منذ سنوات! فكيف وصل كتابه إلى تكساس ولم أحصل عليه أنا في طرابلس؟ أسئلة أعيتني الإجابة عنها فقلت لنفسي؛ لأختصر الوقت وأبدأ القراءة.

حكايات أبو النور…

فمن هو أبو النور وما هي حكايته؟

هل هي حكاية واحدة من عدة فصول، أم  حكايات متعددة كما يشير العنوان ؟

بعد التنقل على صفحات الكتاب يمكننا القول بأن ما بين السطور كان يحمل من المعاني أكثر مما في السطور نفسها. وما روي من حكايات على لسان أبو النور لخصت تاريخ حقبة مهمة من تاريخ طرابلس النضالي في باب التبانة، المنطقة التي خبرها أبو مصطفى لانه عاش فيها وشارك فقراءها همومهم وأحلامهم التي تبخرت مع تفكك اللحمة بين اللبنانيين وضياع الهدف وموت القضية عشية الحرب الأهلية. ولم ينس الكاتب أن يعرّج على تاريخ المنطقة العربية ككل مسلطا الضوء على قضيتها المحورية آنذاك؛ الثورة الفلسطينية وحصار المخيمات…

حكى أبو النورعن بعض الرموزالنضالية البارزة في منطقة  التبانة؛ كالشقيقين؛ خليل عكاوي وعلي عكاوي؛ وهما شخصيتان من واقع الحياة وليس من العالم المتخيل في وكيف أنهما اعتقلا وقضيا ظلما في السجون اللبنانية.

تكبد أغلب اللبنانيين خسائر كبيرة في الأموال والأرواح نتيجة هذه الحرب الأهليه العبثية  الدائرة آنذاك، وأما خسارة أبو النور فكانت مضاعفة؛ حيث أحترق محله التجاري في باب التبانة، وأصيب ابنه الشاب برصاصة طائشة نتيجة خلاف بين حزبين متنازعين، كانا في الماضي القريب في خندق واحد.! نعم “يهود الداخل هم من أصابوه وعرضوا حياته لخطر الموت”. هكذا سماهم أبو النور لأن الجيش الإسرائيلي كان قد اكتفى حينها بحصار بيروت والجبل ولم يصل إلى طرابلس.

ويروي لنا  أبو النور حكاياته عن الثورة الفلسطينية  وبعض  فصائلها وذلك بعد وصوله إلى فرنسا ومن بعدها إلى ألمانيا لحضور زفاف ابنته الطبيبة المقيمة هناك. وبحرفية عالية في السرد يتكئ على بعض الأحداث التي كان موفقاً في تركيبها إذ جعل عريس ابنته فلسطينياً وهذا ما أفسح له في المجال للقاء العديد من المناضلين والمناضلات الفلسطينيين خلال حفل الزفاف والذين استقروا في بعض المدن الألمانية بعدما حوصرت المخيمات في لبنان ونجا منهم كل طويل عمر…

تشابكت الحكايات بين حسن وصفية، وفرجة وريما، التي نجت من الموت في مخيم تل الزعتر بأعجوبة وهربت إلى مخيم شاتيلا لتقوم بأعمال التمريض قبل أن تتعرف بالدكتور ابراهيم الطبيب الفلسطيني، الذي تزوجها وجاء بها إلى المانيا ومن ثم ارتدت الحجاب بعدما خلعت شعارات الثورة وركنت المطرقة والمنجل على أحد الجدران…

حكايات أبو النور التي امتدت على حوالي مئة وعشرين صفحة أغلبها من واقع الحياة . صدقها وسلاسة الراوي في السرد يفسحان لها في المجال لتكون من بين القصص التي تؤرخ لمرحلة معينة في الزمان، والمكان.

ملاحظة:

حين أطلعت الدكتور مصطفى علوش “ابن الكاتب” وهو جراح معروف ونائب سابق عن مدينة طرابلس على قراءتي للقصة، أخبرني بأن القصة لم تنته والجزء الثاني منها قد قام بتدقيقه وطبعه هو بنفسه بعد وفاة الوالد.!

فوعدت بأن تكون هناك قراءة جديدة  للجزئين معاً.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *