مَواعِيْدُ الحُسْن!
مُورِيس وَدِيع النَجَّار
وَأَتَيتِ بِفَجرٍ مَحْمُودِ، حُلْمًا بِالخِصْبِ على عُودِي
وشِراعًا يَعِدُ الأُفْقَ بِسِحْرٍ يُلهِبُ شَوقَ المَوعُودِ
حَسناءُ… حَنانَيكِ فَأَنا وَتَرٌ مَقطُوعٌ في عُوْدِ
نَغَمِي مِنْ شَجْوِ القَلبِ، ومِنْ رِعِشاتِ العُمرِ المَفقُودِ
أَنا باتَ زَمانِي يُؤْرِقُنِي، وغَزا الإِنهاكُ تَجاعِيدِي
فَغَدَوتُ نَسِيًّا، لا تَهتَزُّ لِذِكرِي أَعطافُ الغِيْدِ
وتَمِيلُ، إِذا هَبَّتْ رِيْحِي بِالشَّوقِ، لِهُزْءٍ وصُدُودِ
أَنا غِرِّيْدٌ دَهَمَتهُ الرِّيحُ، فَبُحَّ اللَّحْنُ بِتَغرِيدِي
مَرذُولٌ في صُقْعٍ ناءٍ، في الوَعْرِ البارِدِ بِجُرُودِ
قَرُّ الهِجرانِ تَغَلغَلَ في قَلبِي، ودِثارِي المَنكُودِ
أَنا جُوْعٌ، يا حَسناءُ، وفي جُوعِي آلامِي وشُرُودِي
جُوْعٌ لِدَلالِ الهُدْبِ إِذا الأَلحاظُ تَغاوَت بِوُعُودِ
لِلثَّغْرِ، إِذا ابتَلَّت فِيهِ الأَكمامُ، ومالَت لِلجُودِ
لِلجِيْدِ الفارِعِ، لِلسِّحْرِ الظَّمآنِ بِقَدٍّ، ونُهُودِ
لِنَعِيمِ الخَدِّ، بِهِ طِيْبٌ، وَوِشاحٌ مِنْ عِطْرِ وُرُودِ
فُستانُكِ، ذُو اللَّونِ القانِي، المُختالُ، بِسَهْلٍ، ونُجُودِ
مُلتَفٌّ فَوقَ مُرُوجِ الزَّهْرِ، حَسِيرٌ عِندَ الأُخدُودِ
أَفدِيهِ بِمُقلَتِيَ العَطْشَى، بِالنَّهَمِ يَقُضُّ مَناقِيدِي
حَسناءُ… أَنا يُلهِبُنِي الثَّوبُ، سَها عن كَنْزٍ مَرْصُودِ
فَالجِنُّ غَفَت، ونَضِيدُ الدُّرِّ مُطِلٌّ مِن سَفْحِ الجِيْدِ
وتَكَوَّرَ عِندَ الخَصْرِ، يَشُدُّ، ويَعصِرُ، وَسْطَ العُنقُودِ
مُنْفَرِجًا عَن دُنيا حَرَّى، بِصَقِيلِ العاجِ المَمدُودِ
وضَنِينًا فَوقَ عَرِينِ السِّحْرِ، وكَهْفِ الحُلْمِ المَنشُودِ
أَنا يا حَسناءُ نَدِيمُ اللَّيلِ، وسِحْرُ اللَّيلِ زَغارِيدِي
أَسبَغْتُ عَلَيكِ رِداءً مِن أَحلامِي الوَجْعَى، وقَصِيدِي
ورَفِيفُ هَواكِ… أَلَا تَدرِينَ؟! سَعَرْتُ لَظاهُ بِنَشِيدِي
وجَمالُكِ لَولا قافِيَتِي، النَّشْوَى، نَحْتٌ في جُلْمُودِ
أَذكَيتُ بِكِ النَّبْضَ المُعْتَلَّ، بِنارٍ مِنْ دَفْقِ وَرِيدِي
وزَرَعتُ مُنَى حُلْمِي النَّديانِ بِرَيَّا القَدِّ الأُملُودِي
أَنا عِشْتُ الحُلْمَ فَأَثقَلَنِي، وتَمَلمَلَ مِن ضِيْقِ بُرُودِي
مَخْمُورًا، يَضْرِبُ في عَلياءِ خَيالِي، بَرِمًا بِعُهُودِي
أَنا لِي مَعْ حُسْنِكِ مِيعادٌ، هل يَرْعَى الحُسْنُ مَواعِيدِي؟!
