“لماذا يا الله كل هذا العناء؟!”
د. رفيق أبو غوش
لماذا فتحت ورشة الخلق وصنعت العالم وأصبحت المشكلة!؟؟
كنتَ وحيدًا فلم تدرك فضيلة الوحدة!
كنت عزيزًا فلماذا ترقّع اليوم ثوب الأذلاء!
كنت ملكًا فلماذا العبيد والجواري والأتباع!
كنت عابثًا جميلاً أنيقًا، فلماذا خلقت هذا الوجود الآثم، وهذا الجدار السميك من الحقد والكراهية والوصولية والحروب!
كنت الزّمن بأبعاده اللامتناهية، فلماذا تضيّق عليك المكان!
أوجدت الجبال والحبّ والفضيلة والمرأة…
فلا الجبال بقيت ولا الجمال دام، والحب جاوره الحقد، والفضيلة تزوجتها الرذيلة، والمرأة بلا أهل المروءة.
أوجدت الفلاسفة فاختلفوا في قِدَمكَ وصفاتك وكفروا بك،
أوجدت الشعراء فمدحوا ملكك وعشقوا طبيعتك، لكنهم تباينوا في مصدر الجمال
أوجدت المجرمين والموتورين والفجّار، وكلهم خرجوا على شريعتك، وتمرّدوا على تعاليمك، وما وفّروا عرشك من موبقاتهم.
تعطي الواحد َ كسرة يابسة فيظن أن الشمس لا تطلع الا لعينيه،
تعطي الذّكر شعرة مفتولة فيظن ان الأرض لا تدور الا بأمره،
تعطي الانثى منديلاً فتظن ان الأرض زجاجة عطر في عنقها،
كنت تنام ملء جفونك، لا أحد يوقظك عند الفجر، ولست مضطرًا لتأمين الهواء والقوت والنور والظلام للعبيد.
الذين أعطيتهم الحياة أعلنوا موتك، والذين أعطيتهم المال جحدوا فضلك، والذين اعطيتهم المناصب شتموا عرشك.
قدّسوا زعماءهم وتركوك، عبدوا اموالهم واتّهموك، وحّدوا شياطينهم وكفّروك، بايعوا الاوثان وأشركوا بك.
فلماذا فتحت ورشة الخلق وأصبحت المشكلة!؟
وحدهم الملحدون لم يكلّفوك بشيء، ولم يسفّهوا ملكك، ولم يشركوا بك.
أكان هذا يستحق ّ كل هذا الشقاء وكل هذا البلاء!؟
بعد هذا، طوبى للحمقى، المجد للصعاليك، المجد للأشرار الجبناء،
أمّا الاخيار فردّهم الى ملكك الحقيقي، الملك الذي لا يزول…