قداس على نية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية في دير مار الياس في الكنَيسة
بدعوة من “جمعيّة عدل ورحمة” والناشط السياسي والاجتماعي رمزي بو خالد أقيمت ذبيحة إلهية على نية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية والمعتقلين قسرا في دير مار الياس الكنيسة المتن الأعلى، ترأسها الأب نجيب بعقليني رئيس الدير ورئيس “جمعيّة عدل ورحمة”، بحضور النائب السابق غسان مخيبر، رئيس بلدية العربانية الدليبة جهاد رزق الله، ممثل جمعية سوليد فاضل طيار، عائلة المرحوم غازي عاد، وفعاليات اجتماعية تناصر حقوق الإنسان وتدافع عنها وأهالي المنطقة.
الأب بعقليني
بعد تلاوة الإنجيل المقدس القى الأب بعقليني عظة ومما جاء فيها:” الأسبوع المنصرم، احتفلت مُنظّمةُ الأُممِ المُتَّحدةِ باليوم العالمي لحقوق الإنسان، واليوم، نجتمع معًا حول المذبح المقدس وقضيَّةِ المُعتقلين اللُّبنانيّين في السُّجونِ السوريَّة، في لقاء يصُبُّ في خانة الدفاع عن حقوق الإنسان”.
أضاف: “عالمنا اليوم، تجتاحُه حالةُ تجاهلٍ لحُقوقِ الإنسان أو بالأحرى نوع من التغاضي المتعمَّد، بهدف إنكار بعض الحُقوقِ الأساسيَّة للفئات في المجتمعات المختلفة؛ لا سيّما تلك التي تعتبر متخلفة ولا تحترم في غالبيَّتِها أُسس الديمقراطية والحرية والمساواة”.
تابع: “ننتظر الديان “العادل” “الرحيم” و “الرحيم العادِل . ننتظر جميعًا إعلان الحقيقة والعيش في الحق. نعم، نرى الظُّلمَ في عالمنا، لكن على أصحابِ الضَّمائر النقية تبديد هذه الغيوم السود عبر تحقيق العدالة. ننتظر العادل الرحوم، لذا نُصلّي للربّ يسوع، ونطلب منه أن يكون القاضي، لأنه يُدرك كيف يدخل عالمنا ويبثّ العدالة الحقيقيَّةَ والمُحقَّة القائمة على عدالة الرَبِّ التي تنبع رحمة ومحبة، وليست عدالة استنسابيَّةً. نعم، الإنسانيَّةُ تتشوّق للعدالة، وتنتظر “مجيئك” لأنك مُخلّص البشريَّةِ من الظلم والتعسُّفِ والتَّعذيب والقهر والخطيئة والشر. هنا نتساءل بمرارة : أين هي ضمائر هؤلاء المعتدين ؟ للأسف نحن في حالة مزرية للغاية”.
وطالب الأب بعقليني “كمجتمع مدني، نحرص على معرفة مصير المعتقلين والمخفيين قسرًا في السجون السورية وحتى على الأراضي اللبنانية خلال الحروب على أرضنا، لا سيّما الأبوين ألبير شرفان وسليمان أبي خليل، ونطالب الدولة بكشف مصير جميع المخطوفين والمعتقلين بالتعاون مع المنظمات الدوليَّةِ وبعض الدُّول الفاعلة في مجال حقوق الإنسان”.
ختم: “نطلب من الرَبِّ يسوع مساعدتنا لاكتشاف الحقيقة كي تبلسم جراحات الأهالي وعذاباتهم. نُصلي من أجل المعتقلين والمخطوفين لينالوا رحمة الرَبِّ وحنانه. نطلب من الرَبِّ أن يهبنا النعمة الكافية لنُجنِّدَ فِكرنا وعقلنا وعاطفتنا في خدمة مُناهضة التعذيب وبناء السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الادنى . لنكن أبناء الرجاء”.
رمزي بو خالد
في نهاية القداس كانت كلمة للناشط السياسي والاجتماعي السيد رمزي بو خالد مما جاء فيها: “هدفنا اليوم من خلال رفعنا للذبيحة الالهية تسليط الضوء على محنة المفقودين المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، بعد انهيار نظام الأسد لاسيما ما شهدناه من أدوات تعذيب وحشية في هذه السجون. قضية المفقودين اللبنانيين تمثل جرحا “نازفا” من آثار الحرب الأهلية وزمن الوصاية. نرفع اليوم صلاتنا تضامنا مع هذه القضية الإنسانية ومع الأهالي الذين ما زالوا يعانون من حالة عدم اليقين بشأن مصير أحبائهم وأماكن تواجدهم منذ أكثر من أربعين سنة حتى اليوم” .
أضاف: “يجب أن يبقى هذا الملف بمنأى عن التجاذبات السياسية، كما على السلطة اللبنانية ان تولي أهمية قصوى لهذا الموضوع. وهي من عودتنا في السابق على الإهمال. يجب تضافر كافة الجهود من أجهزة امنية، جيش، قوى امن داخلي، الامن العام وجمعيات أهلية ووطنية والصليب الأحمر الدولي للسعي وبجدية مطلقة للكشف عن مصير اللبنانيين المعتقلين، كما أن للسفارة اللبنانية في سوريا دور كبير في هذا الملف”.
تابع: “بدأنا نسمع عن لجان تشكلت من قبل الحكومة لمتابعة الملف، هذا بالأمر الجيد على ألا تكون هذه اللجان كما في السابق مقبرة القضايا العادلة والمحقة. كما نشهد اليوم سياسيين كالعادة بدأوا بالحج الى سوريا نتمنى على هؤلاء أن تكون هذه القضية أولى الأولويات لأنها قضية وطنية لا مذهبية ولا طائفية. ولا يسعني في هذه المناسبة الا أن أوجه تحية لروح غازي عاد ابن منطقتنا الذي ارتبط اسمه بقضية المعتقلين اللبنانيين، المدافع الشرس والمناضل في سبيل هذه القضية، الذي وثق أكثر من ستة مائة وخمسين اسمًا من المعتقلين اللبنانيين ونجح بتحرير البعض”.
ختم: “أتمنى أن يبقى دير مار الياس الكنيسة للرهبان الأنطونيين منارة وأن تبقى أبوابه مشرعة للقضايا الوطنية والاجتماعية والإنسانية بشخص رئيسه الأب نجيب بعقليني ومعرفة مصير الأبوين الأنطونيين شرفان وأبو خليل وتجلي الحقيقة مع مجيء المخلص”.
فاضل طيار
وفي الختام كانت كلمة لممثل “جمعيَّة سوليد” فاضل طيار استهلها متوجها بشكر القيمين على هذه الدعوة، وأضاف: “في زمن الميلاد المجيد نعيش التجدد والأمل بأن تنكشف الحقيقة. أما نشاطاتنا في “جمعيَّة سوليد” مع غازي لم تقتصر على نشاط سوليد فقط، فقد تناولت العديد من الأمور الاجتماعية. إن موضوع المفقودين يمس ضمير الشعب اللبناني الذي طالما عانى من تبعات هذه القضية. كما استذكر مرحلة النضال في زمن الوصاية حيث لم يكن يتجرأ أحد على ذكر موضوع المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية او حتى مناقشته، كانت سوليد ممثلة بغازي عاد ورفاقه من المناضلين الذين حملوا هذه الراية ونادوا بها حتى وصل الأمر بالبعض عدم التجرؤ لسماعهم والتطرق لهذا الموضوع.
تابع: “إن هدف هذا النضال كان ٩٠ بالمائة منه لكسر حاجز الخوف. لطالما طالبنا السلطات والمرجعيات السياسية أن تتحمل المسؤولية ولكن في أغلبية الأحيان لم نستطع الحصول على أي جواب. فبالرغم من ان السلطات السورية كانت تنكر وجود سجناء لديها كانت سوليد تطالب وتسعى باسم الجميع بعيدًا عن اي طائفة واي فريق واي مذهب. وبعدها تم الإفراج عن بعض المعتقلين”.
ذكَّر بالاعتصام ووضع الخيمة أمام صرح الإسكوا الذي انضم إليه العديد من أهالي المفقودين من كافة المناطق حيث تم إضافة العديد من الأسماء.
ختم: “إن قضية المعتقلين هي قضية تقنية وهو موضوع جديد على السلطة أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الموضوع”، مشبهًا قضية المعتقلين بـ “مسبحة الصلاة التي علينا تلاوتها لاسيما في هذا الزمن المجيد، وهذه القضية ستبقى في ضمائرنا ووجداننا، نرددها حتى انجلاء الحقيقة”.
بعد الاحتفال توجه الجميع الى قاعة الدير وزاروا معرض ” المغارات الميلادية” من تنظيم “الجمعيّة الدولية للروح الميلادية”.