أتنقّل من لا مكان إلى لا مكان
وفيق غريزي
ترتعش الأصوات
في العتمة أنا انتظار
محتميا تحت خيمة الصقيع
خارج المدار
يا امرأة
احتوي العالم كله
احتوي الأشياء
انثر أرقك على المراعي والأجفان
الحياة خميرة الأموات
توزّع الفجر والغسق
على منحدر اللحظات.
***
في ظلام الليل
اطفال عراة،
يراقبون ابناء القصور يغرقون في المجون
البحر يصخب أمامهم
زورق تتقاذفه الأمواج
يترنّح كمارد، يصارع الأنواء
عتمة الظلال يضيئها مشعال
التقط الحوار من الابتداء إلى الانتهاء
احار في عمقها الأفكار
وهي تحارب الأقدار
اكتب أسطورتي تحت ثقل داخلي.
***
لو توقّفت
حتى لو تحوّلت الى لحظة يتيمة
أنا وأنت والعوالم القديمة
وما فوق الأرض
إلى طوفان نوح
الباحث عن مرفأ للفلك
لن ينفع شيء
كل شيء هباء
سنعود مجددا الى فطرتنا البريئة
اللامرئي يثبته المرئي
وحين يصبح لا مرئيا
بدوره يحتاج الى اثبات
بفصل الجمال عن الدمامة والقباحة
تمضي عصور وعصور.
***
ازرع المحبة كثيفة
كغابة تحيط بالأنهار
على الضفاف
على امتداد التخوم
سأبني منازل لإخوتي العراة
لك مني أيتها المحبة
اغنية مقدّسة من فم الأطيار
ترتدين ثوب الأصالة والنقاء
تتفتحين كزهرة الأقاح
في تربة الشعوب والعوالم
القريبة والبعيدة
وفي قلب الكائن الإنسان
انت شعلة الهية
اتيت بعد طول انتظار
لتبددي عن ارضنا البؤس والظلام.
***
أنا مواطن ليس لوطني حدود
ابن أرز الباروك المقدّس
الذي من خشبه بنى هيكله
ابن النبي داوود
عروقي مشدودة للتاريخ
لأصوات المقهورين والبائسين
لأصوات العصور البائدة.. والآتية
الخيوط الخفية تربط الأرحام بالنجوم
موائدي مهيأة للجميع
للجوعى من صغار وكبار
للمهملين والمبعدين
يا عابر السبيل
لا تظن أنك غريب
حين تمر بي
لما لا تحدثني؟
لما لا تتركني أحدثك
رغم قسوة الأقدار؟..
***
اقرع الطبول
أقف الى جانب المعذبين
ضد الذين يكيدون ويتآمرون
في الصمت المظلم
يفتقد العشاق أنفسهم
رقدت على عشب نهر السلام
تحت جسر الصمت والسكينة
حلمت انني احلّق مع سرب الحمام
فوق جبال من غمام
وعلى الأرض
يحصد الناس الموت الزؤام
يخلف وراءه الدمار والدماء
أتنقّل
من لا مكان
إلى لا مكان
اسير في طريقي
و”الآخر” دليلي في الطريق…