مدينة أصيلة المغربيَّة المنارة الثقافية تفقد أميرها محمد بن عيسى

Views: 87

سليمان بختي

لن تكون مدينة أصيلة المغربية الهادئة على الاطلسي مثلما كانت واميرها محمد بن عيسى يرعى فيها كل سنة “مهرجان موسم اصيلة الثقافي”.

واستمر محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي السابق ، وابن اصيلة الذي غيبه الموت في الرباط يرعى ذلك المهرجان لأكثر من اربعين سنة بهمة قل نظيرها. لا أزال اذكر وكنت برفقة المفكر الراحل هشام شرائي( 1927-2005) كيف خرج بن عيسى الى فناء الدار لاستقبال شرابي ومعانقته والترحيب به باعتباره ضيف اصيلة وضيفه الشخصي. جعل محمد بن عيسى من اصيلة واحة ومدينة تتحرك وتحيا وتعيش بالثقافة والغناء وبالرسم بالألوان على الجدران،  والفرق الموسيقية االموزعة على كل ناصية .وكذلك احتشاد قاعات المحاضرات بالمنتدين والجمهور، وغالبا يشارك محمد بن عيسى في نقاشاتها وفي  نشاطاتها.

كل ضيوف اصيلة هم ضيوف عمدتها ويسهر على راحتهم . وداخل اسوار المدينة العتيقة  لاصيلة ينهض المهرجان وتتعدد الامكنة  وتوفر للضيوف والمشاركين مجالا للتأمل والتفكير والإبداع.

وفي المساء يروي محمد بن عيسى ، وزير الخارجية السابق (1999-2007) لهشام شرابي ذكرياته عن تلك المرحلة ويؤكد ان الوقت الاكثر ضجرًا في مهمته شيء اسمه اجتماع وزراء الخارجية العرب. شغل محمد بن عيسى منصب وزير الثقافة (1985-1992) ومنصب سفير المغرب في الولايات المتحدة الاميركية (1993-1999).

كما تولى أدارة جريدة التجمع الوطني للاحرار. ثم التحق فيما بعد بحزب الأصالة والمعاصرة.

أصيلة تودع محمد بن عيسى

 

ولكن لحظة توهج بن عيسى وتاأقه كانت عندما أسس مع رفيق عمره الفنان التشكيلي محمد المليحي مهرجان موسم اصيلة الثقافي والذي استطاع ان يجمع خلال السنوات وجوها وقامات  ثقافية من العالم العربي وأفريقيا وأوروبا. وفاتحا بالتالي المجال للنقاس بحرية قضايا الثقافة والسياسة والإجتماع والاقتصاد والهوية والعولمة.

وعلى مدى شهر متواصل كانت اصيلة تعتز بصيوفها مثلما يعتز ضيوفها باقامتهم فيها.

نال محمد بن عيسى جائزة الشيخ زايد للكتاب كأفضل شخصية عربية ثقافية.

سعى محمد بن عيسى لان يجعل من مهرجان موسم اصيلة الققافي مؤسسة مستقلة بذاتها  هو الذي نال مباركة الملك الحسن الثاني ومحمد السادس بمشاريعه الفنية والثقافية والعمرانية.

لبث محمد بن عيسى يعتز بفوزه بجائزة الاغاخان للعمارة الإسلامية عن اعادة تأهيل مدينة اصيلة 1988.

 يبقى ان احلى ما في المدينة كانت الحدائق الغناء التي تحمل اسماء : الطيب صالح  ومحمد عبد العزيز الحبابي ومحمود درويش وبلند الحيدري ومحمد عابد الجابري  وهشام شرابي.

لا أزال اذكر الجدار العالي الملون  بالرسم في اصيلة ، وتلك القناطر الأندلسية بقرميدها الاخضر تلوح لك مثل منارة  حتى لو عبرت من الاطلسي الى المتوسط ، وبين بحرين لا يجمعهما سوى الثقافة والإنسانية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *