تهزني الكوارث والمحن
وفيق غريزي
أنين الرياح، كئيب الجراح
تقلق قلبي قيثارة الفصول
صراخ عابر
يدوي منذ الزمان الغابر
يهتف لي:
لا تكن خجولًا
يحملني خيالي
إلى ذكرياتي الغوالي
دموع تهطل كأمطار الخريف
ذاتي لا توقظني
همسة من فنن
تبخّرت،
جرفها تيار شفيف…
***
كوكب السماء يضيء ظلمة الغابات
صوت رنيم يصدح على لحنها النايات
نهير رقراق كصفحة المرآة
تسبح فيه حواري الماء
الكون بسكون يلتف بالأكفان
تسلسل النهاية المشرقة بالألوان
إلى الوراء أيها الموت
الى حجرك ايها المتلوِّن الخفّاق
إلى متى سيدركني الموت الزؤام؟
ومتى يطوي صفحة العمر الفناء،
ويغمر زهر الارض هذا الرأس
بعطره الفواح؟
أعندما يتساءل العشاق: من أكون؟
أنا ذلك الراقد تحت الثرى في سكون
تحجبني الغيوم عن ضوء القمر.
أعندما يتوقف القلب عن الوجيب،
لا يردد شهيقا او زفير،
يكون الفناء؟
***
عربة العمر تعبر الوحل والدنس
مصيرها إلى الرمس.
أيها السائرون تحت الغيوم والمطر
وتحت لهيب الشمس
اذكروني…
أيها الحصّادون
حين تجمعون مواسم الحصاد
وتقلمون ذوائب الاشجار
وحين تغيب ظهيرة النهار
الجنى يملأ السهول بالثمر الشهي
لا تقرأوني في كتاب
أنا الغاز واسرار
مفاتيحها يجرفها الاعصار
إلى ما وراء اللمس والأبصار
أيها الرعاة
تجوبون الوعر والقفار
انفخوا في النايات
كي ترقص القطعان
ومن رقدتهم ينهض الأموات
اذكروني..
لا تتركوني فريسة الأقدار…
***
يا من تشتهون النوم والسهاد
وتشترون باليقظة لحظات سرور
إذا مرّت امامكم يمامة
قدموا لها الحب والعطور
توّجوا رأسها بإكليل زهور
الجبال الراسية في الأعالي
تحملني الى فراديس أرواحكم
وأنت يا حفّار القبور
امضي في عملك
امطرني بوابل اللعنات
انثر عقودها الأزهار
ستصدأ الأكاليل وضفائر الذهب
سأمضي في غنائي
بينما انت تطارد الرغبات.
***
في صمت عميق ارقب احزان
العالم
رأيت الدم المهراق
ذرارينا تعلق،
يمزق لحمها الخنجر
صراخها يقلق الآفاق
في عيوننا تلمع خفايا الأبدية
تتوارى بيارق الفناء والعدم
إلى أسماعنا يتهاوى عويل الزعيم
فإن أجفل رايتنا خلفه
كموجة من جنون
صاح كبش من القطيع
لماذا ترهبنا هذه المجزرة؟
نعاج تثغو بغضب
تتذكر كيف تقاد بأدمغة خاوية
لم تحصد من تبعيتها
سوى الجوع.. والذل..
