سلمان زين الدين يقرأ في الرواية السعودية

Views: 27

   صدر في بيروت   كتاب “أسئلة الرواية السعودية” ،  عن الدار العربية للعلوم ـ ناشرون،للشاعر والناقد اللبناني سلمان زين الدين. وهو الثاني عشر له في حقل النقد الروائي، يشتمل على مقدّمة طويلة وقراءة في اثنتين وثلاثين رواية سعودية، تنتمي إلى المرحلة الرابعة في تاريخ الرواية السعودية، وهي مرحلة التحوّلات الكبرى، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي يخوض فيها الروائيون في المسكوت عنه، ويحفرون في الممنوع، مستفيدين من الهوامش التي أتاحتها التحوّلات المذكورة، وينتمون إلى أجيال عدّة. على أنّ الأسئلة التي تطرحها الروايات المختلفة هي أسئلة الواقع السعودي، واستطرادًا العربي، في هذه اللحظة التاريخية، وتتراوح بين السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني، وهي تسائل الواقع المتحوّل من دون أن تتمرّد عليه أو تكسر مزراب عينه، فالغاية الإصلاح والتطوير وليست الهدم والتثوير. 

  ولعلّ هذه الأسئلة وطرائق طرحها هي ما يمنح الرواية السعودية موقعها المتقدّم حاليًّا على خريطة الرواية العربية، إلى جانب أخواتها العربيات، فتتصادى معها وتتناغم وتتكامل في إطار المشهد الروائي العربي العام، من دون أن تفقد أيٌّ منها خصوصية المكان / الفضاء الذي ينتظم في علاقة تنوّع ضمن وحدة الأمّة العربية. وهذا ما يجعل من قراءة الرواية السعودية من الأهمّية بمكان، في لحظة تاريخية فارقة، مفتوحة على كثير من التحوّلات. 

 

   تتوزّع الأسئلة المطروحة في الكتاب، استنادًا إلى الروايات المقروءة، على: التحوّلات الكبرى، الفرد في مجتمع مديني، المرأة، الحب، الحرية، السلطة، الإرادة، القدر، الدين، الموت، المكان الواقعي، العالم الافتراضي، وغيرها. على أنّ طريقة الطرح تختلف من رواية إلى أخرى، تبعًا لاختلاف الطارح وزاوية الطرح. وهذه الأسئلة ليست وقفًا على الرواية السعودية، بل هي أسئلة الرواية العربية بشكلٍ عام، ذلك لأنّ الواقع العربي هو نفسه، إلى حدٍّ كبير، في مختلف الدول العربية. وإذا كان ثمّة اختلاف في الواقع، بين دولة وأخرى، فهو في الدرجة وليس في النوع. وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى أنّ بدرية البشر تطرح سؤال العقل الذكوري في مجتمع محافظ، وزينب حفني تطرح سؤال المرأة في مجتمع ذكوري، وسلام عبد العزيز تطرح سؤال القبيلة، وتركي الحمد يطرح سؤال النفط، وغازي القصيبي يطرح سؤال الحرية، ومحمد حسن علوان يطرح سؤال الأمومة، ومها محمد الفيصل تطرح سؤال الإرادة، ومقبول العلوي يطرح سؤال التسامح، وهاني نقشبندي يطرح سؤال الدين، ويحيى أمقاسم يطرح سؤال العشيرة، ويوسف المحيميد يطرح سؤال الاغتراب، على سبيل المثال لا الحصر.  

   هذه الأسئلة يستخرجها زين الدين من الروايات المدروسة، ولا يقوم بإسقاطها عليها. فهو ينطلق من النصّ راصدًا مقولته، ولا يُقوِّله ما لا يقول أو يُحمِّله ما لا يحتمل. وبهذا المعنى، تغدو الروايات مجموعة من الوثائق الأدبية التي يمكن استثمارها في إضاءة الواقع الذي تصدر عنه والعالم المرجعي الذي تحيل إليه. وبذلك، تقترن متعة السرد بفائدة المعرفة. وتكون الرواية نتيجة للتحوّلات المرصودة وسببًا في حصولها، في الوقت نفسه، ما يجعل “أسئلة الرواية السعودية” جديرة بالطرح، والأجوبة عنها تستحقّ التفكير.  

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *