السؤال والمسؤول
خليل الخوري
يجب أن يكون هناك من يتحمّل المسؤولية. على الاقلّ يجب أن يكون هناك مسؤول، سيّان أتحمّل المسؤولية أم لم يتحمّلها. إنما يجب أن يُعلن بالإسم أو بالصفة أو بكليهما معاً.
والمسؤولية هنا هي ما يتعلّق بتبخّر أموال المودعين اللبنانيين وغير اللبنانيين الذين تحوّلت أموالهم إلى أرقام على الورق ليس إلا.
أولاً- يجب أن يكون هناك مسؤول، أو مسؤولون، عن إنهيار العملة الوطنية. عندما كانوا يطمئنوننا إلى أن الليرة اللبنانية بألف خير، هل كانوا يعرفون أو يجهلون؟ إذا كانوا يعرفون لماذا لم يصارحوا الناس بالحقيقة؟ وإذا كانوا يجهلون كيف، وبأي صفة هم في مواقعهم؟
وأما إذا كانوا يكذبون فمن يحاسبهم؟
ثانياً- الذين يقولون، اليوم، للناس إنّ أموالكم وودائعكم هي مُصانة ولا خطر عليها، هل يتحمّلون المسؤولية عن ضمور قيمة هذه الأموال حتى الذوبان؟
ثالثاً- من المسؤول عن عدم تقيّد الجسم الصيرفي بالتعاميم التي أصدرها حاكم المصرف المركزي؟ ألم تصدر كي تُنفّذ؟ فأيّ سلطة للذين لا ينفذونها تمكّنهم من أن يتجاوزوها مراراً وتكراراً؟
رابعاً- أين صارَت الأرباح التي كانت تُدرجها المصارف في جداول ميزانياتها وتنشرها غير مرة سنوياً خصوصاً مع نهاية ومطلع كل سنة؟ فأين أصبحت هذه الأرباح وهل أُصيبت بما تعرّضت له الودائع؟
خامساً- من المسؤول عن تهريب مليارات الدولارات إلى الخارج، ليس فقط منذ 17 تشرين بل منذ ما قبل هذا التاريخ بسنة على الأقل، وخصوصاً إبتداءً من شهر أيار الماضي؟ وإذا كان القانون يُجيز حريّة تعامل أصحاب رؤوس الأموال مع ودائعهم كما يريدون، وفق نظامنا الإقتصادي والمالي الحرّ، فهل هذا القانون ذاته يسمح بتطيير أموال الذين لم يُهرّبوا ودائعهم؟
سادساً- لقد كان القطاع المصرفي اللبناني أحد أبرز المرافق التي يعتزّ بها لبنان، فمن المسؤول عن وصوله إلى عدم القدرة على تمكين صاحب الودائع بالعملات الأجنبية من الحصول على أدنى الحدّ الأدنى؟ إذا أرادَ أن يسحب فبالمئة أو بالمئتي دولار حداً أقصى وبالليرة وعلى أساس السعر الرسمي للدولار (1,500 ل.ل.) إلا إذا كانت الوديعة ما دون الثلاثة آلاف دولار.
والأسئلة عن المسؤول والمسؤولين لا تتوقّف عند هذا الحدّ. واللبنانيون الذين خسروا جنى العمر ووثقوا ببلدهم وعادوا إليه من مناطق إنتشارهم ليجدوا أنفسهم أنهم لا يقبضون إلا على الريح، هؤلاء يريدون جواباً واحداً على السؤال الذي يتطارحونه وهم حبيسو البيوت والحظر بقرار التعبئة العامة: من المسؤول؟