سجلوا عندكم

وتسألونني ما السبب؟!

Views: 173

 سليمان يوسف إبراهيم

يوم دهمنا كورونا بنابه والمخلب غدرًا؛ كما دهم كرة أرضية بأسرها، لم يكن في أيدينا سلاح لنواجه أصلا؛ وليس ليُكتب لنا النصر عليه….

….وراحت كرة أرضية بأمها وأبيها وما ملكت أيدي شعوبها من عتاد المواجهة ماليًا وعلميًا وتطورًا تكنولوجيا… حيث انبرت مدافعة، آملة بانتصار على وباء غير منظور….

وسار لبناني على دروب الكفاح؛ درءًا لخطر  ومنعًا لموت محتم عن بنيه، بما توفر عنده من وسائل بدائية؛ راح يطورها رويدًا رويدًا بحسب القدرة والحاجة وما تبثه اﻷقمار الإصطناعية ووسائل التواصل عبر صفحات ومنصات المنظمة منظمة الصحة العالمية.

    الكون يعدو مسرعًا، طردًا لوباء… والوباء يلاحق أهله في أسرّتهم، على الطرقات وفي ديار الكرة قاطبة دون جدوى…!! هم يسرعون، ويبقى الحتف أسرع… كون سائق الموت إليهم هذا، يسري إليهم من غير عجلات ولا نفط ولا قوة دافعة…. واستسلم للوباء كون بأسره؛ لا مناص له من فتك ولا خشبة خلاص عنده لنجاة!!

 في هذا الخضم الهائج من موج الوباء المتسارع إلينا؛ نهض لمواجهته  وطني الحبيب على صغر مساحته وضآلة إمكاناته إذا ماقيست بإمكانات الدول على امتداد شعاب الكرة بأسرها….

جردت الدول كل أسلحتها على مختلف الصعد وكل مقدراتها العلمية؛ الطبية؛ والمادية …وفشلت…

فراحت تدفن موتاها، لا بل تطمرهم،  بالمئات يوميًا وباﻵلاف من بدء زمن الصراع حتى اليوم…. يوهمون ناسهم أنهم يعملون لخلاصهم من مرض وهم بالحقيقة يجهدون نفسهم للخلاص منهم!!

فمن سلّط نفسًا على نفس ليحدد عمر صاحبها أو يحد من جريان النفس في صدر صاحبها؟

من أعطى السلطة ﻹنسان، قتلا لكبير سن أو إحهازا على نفس عجوز؟

من سمح ﻹنسان بقتل أخيه اﻹنسان، بعد أن ربى أطفالا حتى باتوا رجالا وسيدات… وافنى العمر في المساعدة على بناء وطنه وتشديد منعته…؟ وهو يجد نفسه فريسة موت محتّم اليوم، ﻷنه يغتال فريسة متجبر حقود ينزع عنه الهواء ﻷنه بات من فئة عمرية معينة؟!!!!

وأعود لحكاية بلدي الطيب بمناخه وأهله  وطرق مواجهته للفتاك اﻷكيد:

نحن، لربما حتى لم نكن نملك عيونًا صاحية، لتخاف من مخرز، حين ينقضّ عليها مناصبها عداوة…!!

لكن؛ يوم قررنا المواجهة ونحن نقف بأقدامنا العارية على حدّ السكين؛  انبرينا بكل قوانا اﻹنسانية التي نمتلك ويفتقد لها ذاك الغرب المريض:

حجرنا أنفسنا عن مخالطة لجمع اﻷحبة واﻷهل، حبًا بسلامة مجتمع بأسره، لما استشعرنا الخطر الداهم فعلا؟ نعم. جندت الدولة نفسها بكل قدراتها وإن كان ذلك من أبسط واجباتها تجاه شعبها ونجحت؟ بالطبع. انبرت المؤسسات الطبية واﻹنسانية والفاعليات المدنية، لصد العدوان وجعله ينكفئ؟ بالطبع. ونحن اللبنانيين؛ غير مستغرب ذلك منا أو وجوده في أساسات تربياتنا المنزلية…. (Adipex)

لكن يا سادة؛ وأعلنها بالفم الملآن، متمنيًا أن لا يسقط أحد منا، السلاح الوحيد الناجع من أيدينا البتة: ألا وهو تربيتنا العائلية التي نشأنا عليها وسط مبادىء التعاضد والتماسك وفيض المحبة واحترام اﻷهل والمسن من بين أبناء مجتمعاتنا على مختلف مشاربها …

هو هذا بالفعل يا سادة؛ سلاحنا اللبناني الذي لم يضاهه أي عتاد أو سلاح من ترسانة الغرب المفتقد للتربية العائلية…والذي يحيا التفلت اﻷسري بطوله والعرض!!

هذا على الصعيد البشري اﻹنساني بالنسبة للعتاد… وبشكل متصل لما تحصّنا به من  المبادئ اﻷخلاقية والتربوية إزاء أي تفلّت، والتي على أسسها وبهديها، لا زالت عيلتنا اللبنانية تنشأ؛ تلك المبادئ الدينية مثلا؛حيث وجدنا المسلم ساجدًا داعيا لربّه والمسيحي مصليًا مرنمًا كذلك … كلنا نقصد مساجدنا وكنائسنا…ومتى تعذر علينا ذلك، جعلنا من منازلنا مساجد وكنائس؛ وتركنا للرب خالق الخلق أن يسكن القلوب صلاة وعملا!!  فضلا عن  أن وطننا أرض القديسين، فأوكلنا أمر نجاته وأهله من الناس الطيبين، لهم مجتمعين؛ بكل ما أوتيت قلوبنا التي تربت على مخافة الله عن وعي منا… ولم نضن جميعنا عن مد يد المساعدة لبعضنا، وهذا ليس بالغريب عنا…

وطن مثل وطننا، بات تحت خط الفقر من قبل حلول وطأة كورونا…استطاع أهله جمع مليار وقرابة الخمسماية مليون ليرة لبنانية من ليراتهم الزهيدة المتهالكة…سعيًا وراء مساعدة محتاج أو إغاثة لملهوف …

هذا؛ بكل محبة ما تفتقد إليه دول الغرب قاطبة يا سادة؛

كما والملفت أيضًا وأيضًا في بلادنا:  أن معملا بكل قواه وجهوزيته، جنّده صاحبه مع أهل الخبرة والاختصاص، هندسة وطبًا، لينتج آلات التنفس ﻷهل البلاد جميعهم؛ ولم نجد يدًا في مستشفى أو مركز حجر تنزع التنفس الاصطناعي عن أنف رجل متقدم في السن، ليحيي شابا!!

ألا يجب على كون بأسره أن يقف خاشعًا في معبد اﻹنسانية:لبنان؛ بعد كل ما تقدم، متّعظًا متمثّلا؟؟؟

صحيح أننا نفتقر في هذا الوطن إلى المال… لكننا أغنياء فاحشي الثراء بإنسانية إنسانه!!

وطن مثل وطني، ثري إنسان وقداسة: وطن الرب هو؛ باق صامدًا؛لا خوف عليه من جوعة بطن، ولا خشية على أهله من هجمة وباء!!

كل ما هو مطلوب منا؛ أن نخاف الله في محبتنا لبعضنا وليس أن نخاف منه؛ هو من مات عنا، ليجعلنا نطمئن لغدنا معه وإلى جنبه.

كل ما علينا فعله، أن نحترم حضوره في كل واحد منا، ما دام قد خلقنا على صورته ومثاله.

آخر ما علينا أن نفعله، هو ان نجعل ثقتنا بالرب تملك علينا؛ ولنعلم أنه لن تسقط من رؤوسنا  شعرة، إلا بإرادة منه.

وما دام لبنان وطن القديسين، إنه لعار علينا تحويله لبؤرة شيطنة ومسكن شياطين… ذاك بحق إنسانيتنا، لعمري أمر مشين.

                       عنايا في 18/ 4/ 2020

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *