9.9 ملايين دولار “على عينك يا تاجر”

Views: 17

ميشلين حبيب

فيما أصبحت مقولة “على عينك يا تاجر” العلامة الفارقة في هذه الأيام السود التي نعيشها في لبنان… نشر موقع “العربية نت” بالإنكليزية خبرًا عن شراء أحد أصحاب المصارف شقة النجمة الهوليووديّة جنيفر لورنس بمبلغ 9.9 ملايين دولار. وهذه الشقة الفخمة هي في الواقع Penthouse في واحد من أفخم مباني نيويورك وأغلاها؛ وقد باعت لورنس شقّتها الفخمة بخسارة تتتجاوز المليوني دولار، إذ أن ثمنها الحقيقي كان يقدّر بأكثر من 12 مليونًا، مما يعني أن هذا المصرفي يعرف من أين تؤكل الكتف، ويتقن كيفية تصيّد الصفقات الكفيلة بزيادة ارباحه وموارده وتضخيم ثروته.

 المفاجأة في هذا الخبر هي أن صاحب هذه الصفقة ليس واحدًا من أثرياء وول ستريت وإنما هو رجل أعمال لبناني وصاحب أحد المصارف المحلية التي وضعت يدها (خلافًا للقانون) على ودائع المواطنين ومدخراتهم وتعويضاتهم وجنى أعمارهم.

 

الصفقة ليست عاطلة، ولو تمت في ظرف غير الظرف المأسوي الذي نعيشه، لكنا في طليعة مباركيها… ولكن الأمر يختلف عندما “على عينك يا تاجر”، تحتجز المصارف أموال اللبنانيين وتتحجّج بأنها لا تملك العملة الصعبة وتجعل المواطنين يقفون على أبوابها كالشحّاذين منتظرين أن تمنّ عليهم من أموالهم ببضع دولارات من أجل شراء دواء أو استشفاء أو دفع أقساط مدرسيةّ أو جامعيّة في الخارج أو في الداخل، بينما يستثمر أصحاب هذه المصارف، الذين يدّعون أنهم مثل الشعب لا يملكون الدولارات، خارجًا بالدولار الذي يمنعونه عن أصحابه المودعين.

وفي حين أنك أنت كلبناني لا تستطيع تجديد بوليصة التأمين أو تصليح سيارتك بسبب الارتفاع المجنون لسعر الدولار وبسبب أن دولاراتك محجوزة في المصارف، تتطاير دولارات أصحاب المصارف في نيويورك وغيرها؛ مما يجعلنا متأكّدين أنهم قد هرّبوا دولاراتهم إلى الخارج، حيث يستخدمونها كما يشاؤون، بينما الناس في لبنان، وبخاصة بعد إنفجار المرفأ الرهيب وما لحقه من تداعيات سياسية، يجدون أنفسهم غير قادرين على التسوّق في السوبرماركت من أجل تأمين لقمة عيشهم.

 

أعتقد أن وضع المواطنين اللبنانيين المؤلم أطبق على قلب هذا المصرفيّ، كما أطبق على قلب سياسيين من قبله قرأنا عنهم يتسوّقون في متاجر أوروبا، فلجأ إلى نيويورك ليروّح عن نفسه وينسى آلام مواطنيه.

هو “محقّ”، فالوضع لا يُطاق، وصرف 9.9 ملايين دولار هو علاج جدّ نافع ينسيك المشاكل والهموم ويعيد توازنك النفسي. (Modafinil Smart Drug) ألا يقول علم النفس أن التبضّع أوالتسوّق يريح الأعصاب ويمنح الهدوء والرضى بخاصة عن النفس؟

مَن يحاسب هؤلاء؟

أصحاب المصارف والسياسيّون والمسؤولون والمتعهّدون وكل من هو في موقع سلطة يقولون من خلال تصرّفاتهم بكل وقاحة ومن دون أي اعتبار أو اهتمام أو خوف من أي محاسبة أو أي ملاحقة قانونيّة: “نحن أيها الشعب نتاجر بك ونستثمر بألمك وتعبك وأموالك ونعيش برخاء على تلال شقائك وفقرك ويأسك وخراب وطنك”…

 نعم إنه وطننا وليس وطنهم، فمثل هؤلاء لا ينتمون إلّا إلى وطن مصلحتهم وجيبهم وثرواتهم المهرّبة إلى الخارج…

 مثل هؤلاء لا يتشرّف بهم الوطن، فليس للخونة وطن.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *