الطاقَم
خليل الخوري
قال السفير الغربي في حوار هاتفي مع أحد أصدقائه اللبنانيين: جائزة لمن يستطيع أن يحدّد موعداً لتأليف حكومتكم، حتى لو كان هذا الموعد تقريبياً.
الصديق: هل أنّ الوضع معقّد إلى هذا الحدّ؟
السفير: إنه أكثر تعقيداً مما تتصوّرون.
الصديق: هل توضِح؟
السفير: أولاً، أنتم متروكون إلى مصيركم. واستدرك قائلاً: أصلاً أنتم تركتم أنفسكم، فلا تلوموا الغير. ثانياً، إنّ المعنيين بالتأليف الحكومي عندكم تماهلوا لأنهم، يُراهنون على الخارج، ولكلّ منهم رهان مختلف. مثلاً: إنّ من يُراهن على إدارة الرئيس الأميركي المُنتخَب جو بايدن يأمل أن تكون سياستها في المنطقة مُناقِضة لسياسة دونالد ترامب الحالية. (Home) وهذا موقف حزب الله وحلفائه. والذين يُراهنون على الإدارة ذاتها من الفريق الآخر يأملون ألا يحدث تغيير جذري إزاء إيران. والوضع ذاته مع الذين يُراهنون على الموقف الأميركي من المملكة العربية السعودية. وفي التقدير أنّ هذه الرهانات كلّها خاطئة. ثالثاً، إنّ اللعبة السياسية عندكم يمكن وصفها بما تشاء إلا بأنها سياسية.
الصديق (مُقاطِعاً): لماذا؟
السفير: لأنّ ما يتحكّم بالطاقم السياسي هو سلسلة مصالح لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالمصلحة اللبنانية العليا. رابعاً، الإشكالات الدستورية غير معقولة. مثلاً: رئيس الجمهورية يترأس جلسة مجلس الوزراء «إذا حضر» ولكن رئيس مجلس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية. والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة لا يستطيع، دستورياً، أن يشكّلها إلا بالتوافق مع رئيس الجمهورية. والناس ليسوا ملائكة مهما كانت مواقعهم أو كانوا مواطنين عاديين، وبالتالي فمن النادر أن يكون بين «المُشاركين» في التأليف تفاهم مُطلَقٌ. خامساً، القوى السياسية والحزبية والمُمسِكون بالأحزاب والطوائف والمواقع، كثيراً ما يكون بعضهم أقوى من بعض أصحاب التوقيع. سادساً، مُعظم القيادات اللبنانية يأتي في أولية أهدافها تحقيق المصالح وخصوصاً تراكم الثروات على حساب الوطن والمواطن. سابعاً، لقد اعتادَ الجيل المتولّي المسؤولية المرتهَن للخارج أن يترك له تسيير المصالح العامة تحقيقاً لمصالحه الخاصة (…).
والحوار يطول. وفي الختام قال الصديق لنفسه: لا أحد يجهل ما طرحَه صديقي السفير… ولكن أن تسمعه من ديبلوماسي أجنبي يزيد اليأس يأساً.