سجلوا عندكم

ألغاز المرفأ

Views: 99

خليل الخوري 

بعد نحو شهر وخمسة عشر يوماً تحلّ ذكرى الكارثة الكبيرة التي ضربت لبنان من خلال تفجير مرفأ بيروت والتي اعتُبرَت في العالم قاطبةً أنها كارثة العصر. لقد أدّت هذه الفجيعة إلى سقوط أكثر من 200 شهيد وإصابة نحو خمسة آلاف وتشريد أكثر من 300 ألف مواطن ومقيم، ناهيك بتدمير الدور والمؤسسات إضافة إلى ما أصاب المرفأ ذاته من دمار غير مسبوق. ويقدّر الخبراء الأضرار المادية بأكثر من خمسة عشر مليار دولار أميركي.

لقد رافق هذا الزلزال المدمِّر الرهيب كمٌّ كبيرٌ من الألغاز التي لا تزال مطروحة منذ ذلك الرابع من آب المشؤوم في العام الماضي 2020 وحتى اليوم، وستبقى إلى أزمان طويلة مقبلة، وأوّلها التناقض البيّن في أقوال كلّ من الرئيس الأميركي في حينه دونالد ترامب ووزير دفاعه مارك إسبر. فقد ألمح ترامب إلى أنّ الإنفجار «إعتداء وليس حادثاً صناعياً» وأضاف «يبدو كأنه إعتداء رهيب، لقد قابلتُ جنرالاتنا الذين أبلغوني أنه كان إعتداءً، كان قنبلةً ما، نعم!».

وبعد ساعة من هذا الموقف، في اليوم التالي للإنفجار أي في الخامس من آب، قال إسبر إنّ الإنفجار الكبير الذي وقع في بيروت كان حادثاً. أثار هذا التناقض علامات إستفهام كبيرة. فالمُفترض أنّ الجنرالات الذين تحدّث إليهم الرئيس هم أنفسهم الذين يترأسهم وزير دفاعه. فهل يؤكّد ذلك على أنّ وراء الموقفَين المتناقضين حالاً سياسية وتدخّلاً قد لا يُعرَف مَن وراءه؟

إلى ذلك، نشرت قبل أيّام وسائط إعلام أميركية رصينة مشهود لها بالدقة أنّ واشنطن كانت تعرف بنيترات الأمونيوم في المرفأ منذ العام 2016. ما يطرح أيضاً سؤالاً بدهياً عن سبب عدم تحرّك هذه الإدارة على الأقلّ للإستفسار عن الكمية الكبيرة التي يمكن توصيفها بأنها «إحتمال سلاح استراتيجي»؟

هذه عيّنة محدودة من الألغاز التي يجد المحقق العدلي الرئيس طارق بيطار نفسه مضطراً لأن يُجيب عنها في قراره الإتهامي الذي قيل إنه سيصدره قُبيل حلول الذكرى الأليمة. علماً أنه أوضح أول من أمس أنه لم يلتزم بموعد نهائي لإصدار قراره الذي لا بدّ من أن يُجيب عن أسئلة كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر: كيف أُدخلَت كمية المتفجرات إلى المرفأ؟ من أذِن بدخولها؟ هل ثمة دور للأجهزة الأمنية؟ هل ثمة دور للقضاء؟ ما هو دور المسؤولين؟ ومن هم جميعاً؟ وكيف سُمِح لـ2750 طناً بالدخول ولم يبقَ منها سوى 500 طن تفجّرت؟ ما حصر الكارثة الرهيبة التي كان مُقدّراً لها لا سمح الله، لو انفجرت كلّها، أن تودي ببيروت وضواحيها كلّها. وأين ذهبت الكمية الكبرى من النيترات ومن أخذها؟

إنّ أحداً لا يحسد الرئيس بيطار على هذه المهمّة الصعبة، والجميع يدعو له بالتوفيق.

(https://www.chronicpainpartners.com/)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *