سجلوا عندكم

المفاجأة الكبرى… هروب ابنة ستالين!!

Views: 949

د. إيلي جرجي الياس

 

*الحلقة 11 من سلسلة القيادات الروسيّة والسوفياتيّة 1900-2022، رؤية تحليليّة واستراتيجيّة!! 

 

بعد وصول نيكيتا خروتشيف، إلى سدة القيادة في الاتّحاد السوفياتي، لم تعد حياة عائلة الزعيم السوفياتيّ جوزف ستالين تحت الأضواء، ولكن بقيت تمثّل الرمز التاريخيّ الكبير بالنسبة للقيادة السوفياتية،  كون جوزف ستالين من الجيل السوفياتيّ المؤسّس، عدا عن حضوره الطاغي في الذاكرة السوفياتية، خصوصاً خلال الحرب العالمية الثانية،  والانتصار الكبير على ألمانيا النازية…

 

إلّا أنّ ابنة ستالين بالذات، سفاتلانا، قرّرت أن تعود إلى الأضواء وبقوّة، عبر خطوة جريئة وجبّارة: الهروب من الاتّحاد السوفياتي إلى الولايات المتّحدة الأميركية خصم السوفيات الأول في الحرب الباردة،  لتبدأ حياتها من جديد!! “هربت سفاتلانا ستالين، إبنة الديكتاتور السوفياتيّ والزعيم الشيوعيّ الذي انتصر على الألمان في الحرب العالمية الثانية، جوزف ستالين، إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1967،  في خطوة جبّارة، وذلك أثناء زيارتها إلى الهند من أجل نثر رماد جثة حبيبها الشيوعي الهندي بريجيش سينغ!! وقد تمّت عملية هروب إبنة ستالين بمساعدة واضحة وصريحة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ال سي أي إيه التي تأسست سنة 1947، ويبدو جليّاً أنّ التعاون بين الفريقين جرى الإعداد له بدقّة متناهية!!

 

 فقد وعدت سفاتلانا السلطات السوفياتية أنّها ستعود من الهند مباشرةً إلى الإتحاد السوفياتي، إلا أنها بدلاً عن ذلك، توجّهت إلى السفارة الأمريكية في الهند وطلبت اللجوء السياسي!! يعدّ هروب ابنة ستالين بمثابة ضربة قاضية للمخابرات السوفياتية كي جي بي، التي أنشأها خروتشيف عام 1954!! وقد كتبت سفاتلانا مذكراتها الشخصية، التي لاقت رواجاً هائلاً بعنوان: 20 رسالة إلى صديق، كما استطاعت أن تحصل من وراء هذه المذكرات، على ربح يفوق المليون ونصف مليون دولار!! وفي وصفها لوالدها في مذكراتها: كان رجلاً بسيطاً جداً، وقحاً جداً وقاسياً جداً. كان يحبني ويريدني أن أصبح ماركسية متعلمة. ممّا أغضب السلطات السوفياتية الشيوعية بشدّة!! لكن الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف قبل التحدّي: إنّها بمثابة ضربة رهيبة من المخابرات الأمركية للمخابرات السوفياتية!! في 6 آذار 1967، إبنة ستالين بالذات، سفاتلانا أليلويافا، اختارت الحرية عندما طلبت اللجوء السياسي من الأميركيين. 

 

كانت الفضيحة مدويّة. ببضع دقائق تم إقصاء الرجلين، فوجد ألكساندر شالابين نفسه على رأس جهاز النقابات، وأصبح فلاديمير ساميتشاستني، وهو على رأس ال كي جي بي، نائب الرئيس التاسع في برلمان الجمهورية الإشتراكية السوفياتية لأوكرانيا، وهذا ليس بترقية. بعد ربع ساعة، تم التعديل. لاستبدال ساميتشاستني في رئاسة ال كي جي بي، اقترح البوليتبيرو إسم يوري آندروبوف. لم يكن آندروبوف يتصور أنه سيبقى على رأس ال كي جي بي طوال خمس عشرة سنة!! على الصعيد الدولي، طهّر يوري آندروبوف جهاز ال كي جي بي وجعل منه آلة هائلة تحترف أعمال الرصد والسرقة والتأثير والإفساد أثناء الحرب الباردة.

 

ارتبطت عملية مطاردة المنشقين في السبعينيات بإسم آندروبوف. فقد شنّ جهاز ال كي جي بي تحت سلطته حرباً ضروس ضد الشخصيات الرمزية، أمثال عالم الفيزياء آندراي ساخاروف أو الكاتب ألكساندر سولجانيتسين. طارد واضطهد لا سيما مئات المعارضين السياسيين والمناضلين القوميين.

 

وبعد خمس عشرة سنة، فتحت طريق الزعامة السوفياتية أمام آندروبوف، الذي وصل مع حادثة هروب سفاتلانا الهامّة، الى رئاسة ال كي جي بي بتوازن دقيق، دون رضا كامل من بريجنيف، ليفتح آندروبوف الطريق لاحقاً أمام جيل جديد من القادة السوفيات والروس!!” من مقالتي العلمية: أوروبا تشتعل في خضمّ الحرب الباردة، الدراسات الأمنية،مجلة فصلية محكمة، تصدر عن الأمن، العدد 80، تشرين الأول 2019، ص 144، 145.

***

* د. إيلي جرجي الياس، كاتب، وباحث استراتيجيّ، وأستاذ جامعيّ.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *