لَكُم لُبنانُكُم ولِي لُبنانِي!
مُورِيس وَدِيع النَجَّار
(لِمُناسَبَةِ مَولِدِ جُبران خَلِيل جُبران في 6 كانُون الثَّانِي 1883)
بَعدَ أَن هَبَّت، وكانَت فِيهِ شُؤْما، رِيْحُ أَحقادٍ، تَداعَى البَيتُ رَدْما
فَإِذا الأُفْقُ حَزِينٌ داكِنٌ، وإِذا النُّورُ على الأَمداءِ عَتْمَة
وإِذا لُبنانُ في تَسْآلِهِ يُسمِعُ الخُلْدَ، ومَن في الخُلْدِ، لَوْما
صاحَ جُبرانُ، وفي الغَيْبِ استَوَى، دامِعَ المُقلَةِ، مِنهُ القَلبُ يَدْمَى
هكذا لُبنانُ أَضْحَى؟! وَيْحَكُم، جَهلُكُم باتَ، مع التَّصمِيمِ، إِثْما
بِجُفُونٍ قَرِحَت سُهْدًا، وبِالقَلَمِ ــــــــــ البارِعِ، قد شِدْناهُ حِرْما*
وغَدا لِلكُلِّ مِن أَبنائِهِ، ما وَراءَ البَحرِ، في الغُربَةِ، حُلْما
وَلِأَهلِ الأَرضِ أَحلَى واحَةٍ، وَعَلَا، في مَحْفِلِ الأَقوامِ، إِسْما!
***
أَينَ لُبنانِي الَّذِي ناجَيتُهُ؟! هَشَّمُوا نُضْرَتَهُ لَحْمًا وعَظْما
ما فَعَلتُم يا بَنِي أُمِّي بِهِ، كَيفَ حَوَّلتُمْ نِداءَ الحُبِّ نَقْمَة
لَيسَ لُبنانِي كَما شِئْتُم له جَسَدًا هَشَّ القُوَى، قد فاضَ سُقْما
لَيسَ لُبنانِي صِراعًا بين مَن أَلغَتِ الشَّهوَةُ فِيهِم كُلَّ حِكْمَة
لَيسَ لُبنانِي بَوارِيدًا، بِها صارَ ذاك الأَخضَرُ الرَّيَّانُ فَحْما
إِنَّ لُبنانِي نَسِيمٌ عاطِرٌ في رَوابِينا، ومِن بارِيهِ نُعْمَى
هو شَربِينٌ، وزَيتُونٌ بِهِ، مِن رَفِيفِ اللهِ، تَحنانٌ وبَسْمَة
إَنَّ لُبنانِي جِباهٌ حُرَّةٌ، ما ارتَضَت غَيرَ بَرِيقِ الشَّمسِ لَثْما
وزُنُودٌ صُلبَةٌ مِعوانَةٌ، كم بَرَتْ صَخرًا فَصارَ الصَّخْرُ كَرْما
إِنَّ لُبنانِي عُقُولٌ سَمْحَةٌ مَلَأَتْ أَرضِي رُؤًى، شِعْرًا، وعِلْما
هو نَسْرٌ سابِحٌ في زُرْقَةٍ، هو وادٍ، هو أَرزٌ فوق قِمَّة
هو سَهْلُ الخِصْبِ في خُضْرَتِهِ نَبَضَ اللهُ، ونَبْضُ اللهِ نِعْمَة
فَاترُكُوهُ، يَتَعافَى الجُرْحُ في وَمْضَةٍ مِن رَبِّهِ الحانِي وضَمَّة
ودَعُوهُ لِبَنِيهِ الصِّيدِ هم يَدفُنُونَ الحِقدَ… إِنَّ الحِقدَ أَعمَى!
***
يا بَنِي أُمِّي هُوَيناكُمْ، فقد طَفَحَ الكَيْلُ، وباتَ الغُنْمُ غُرْمَا
فَقُصاراكُمْ، بُعَيْدَ الضَّلِّ، أَنْ تَقلِبُوا الحَرْبَ وما سَوَّتْهُ سِلْما!
***
* حِرْم: الواجِبُ الَّذي يَجِبُ عَدَمُ تَرْكِهِ
