“جمعيّة عدل ورحمة” تحتفل بالأعياد مع عائلات وأولاد نزلاء سِجن رومية/ بعقليني: رجاؤنا أن يعبُر العالم في السنة اليوبيليّة 2025 باب العدالة والسَّلام
“إنَّ باب قلب الله مفتوح على الدَّوام، لنعُد إليه! لنعُد إلى القلب الذي يُحبُّنا ويغفر لنا! لنسمح له بأن يغفر لنا ويصالحنا!” بهذه العبارة افتتح البابا فرنسيس باب اليوبيل المقدّس ليلة عيد الميلاد في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، وأنا بدوري أقول إن هذا الباب هو باب الخلاص الذي نعبر منه إلى أبعد من ممارساتنا اليوميَّة، إلى أن نكون أبناء المحبة أي أبناء الله”.
جاء كلام الأب نجيب بعقليني خلال الاحتفال الذي نظمته “جمعيَّة عدل ورحمة” من خلال فريق عملها: الاب طانيوس صعب، لينا رياشي، عايده نصرالله، داني الحاج، ميراي متى والسيدة روزي حبو لعائلات نزلاء السِّجن وأولادهم، بالتعاون مع جمعية Smile N A. Box، وأكاديمية La Cadence وذلك في مركزها في رومية مقابل السِّجن المركزي.
تضمن الاحتفال أنشطة ترفيهية قدم فيها الأولاد أغنيات من وحي الأعياد وعبروا على الورق عن فرحتهم عبر رسوم تعبق بألوان زاهية، وتمَّ خلاله توزيع القسائم الشرائية والهدايا والحلوى عليهم، في بادرة تحرص الجمعيّة على أن تكون تقليدًا سنويًّا بهدف إشراك أولاد نزلاء السِّجن في بهجة العيد بعيدًا عن أي شعور بالعزل والتهميش والحرمان، والتأكيد ألا ذنب لهم بأفعال ذويهم.
وسط هذه الأجواء المليئة ببراءة الطفولة والمعبِّرة عن معنى طفل السلام الذي حلّ على العالم، اعتبر الأب الدكتور نجيب بعقليني، رئيس “جمعيَّة عدل ورحمة”، في كلمته في المناسبة، أن الأعياد هذا العام تكتسب طابعًا خاصًا، فهي تحلّ على لبنان حاملة السلام بعدما أشعلت نيران الحرب جنوبه وبقاعه وعاصمته، فدمرت الحجر والبشر وسيطر اليأس والاكتئاب في النفوس”.
أضاف: “كذلك تكمن أهمية الأعياد هذه السنة في افتتاح السنة اليوبيليّة 2025، على أمل أن يعبُر العالم خلالها باب العدالة والرحمة والسَّلام والرجاء، ويخرح من آفاته المزمنة، ويتخلَّص من الأنانيّة وحُب السيطرة، ويطفئ نيران الحروب والجشع والاستغلال، ليعيش الإنسان على هذا الكوكب بكرامته التي وهبها له الله، وليست مِنَّة من أحد كما يدّعي متسلِّقو الكراسي والمناصب والمتسابقون على الزعامة. أيضًا على أمل أن يعيش الأطفال طفولتهم من دون أن تُقصف أعمارهم بقذائف حقد وكراهيَّة أو تحت ركام منازلهم المهدمة بفعل لُعبة كبار العالم القائمة على الحروب والدمار، أو بفعل التشرُّد والجوع والمرض”.
تابع: “يحدونا رجاء كبير على أن تُشفى البشريّة في هذا العام اليوبيلي الذي يُطلُّ علينا من جروحها النازفة بسبب تعرضّها الدائم للذل والاحتقار وانتهاك حقوق الإنسان، وما مبادرة جمعيتنا في هذه المناسبة وفي كلّ مناسبة إلا للتعبير الإيجابي عن الحس الإنساني والأخلاقي تجاه عائلات السُّجناء وكلّ شخص ينوء تحت ثقل الاستغلال والظروف الصعبة والمزرية، للتخفيف من الآلام والمعاناة، وتعزيز القيم والأخوّة الإنسانية. هنا أستعيد ما قال البابا فرنسيس في رسالته في عيد الميلاد، بداية السنة اليوبيلية: “أدعو كلّ شخص وكلّ شعب وأمة ليتحلُّوا بالشَّجاعة لعبور الباب، ويصبحوا حُجَّاج رجاء، ويُسكتوا السِّلاح ويتغلبوا على الانقسامات! وليكن هناك جرأة لفتح باب المُفاوضات وبوادر الحوار واللقاء من أجل الوصول إلى سلام عادل ودائم!”
أكد بعقليني أن هذا الاحتفال يُشكِّل فسحة أمل تسعى الجمعية، من خلال رسالتها القائمة على العطاء المجاني، إلى تعزيز روح التعاون والتعاضُد بين أفراد المُجتمع، “كم نحن بحاجة، اليوم في بلدنا، إلى المعنويات لنُواجه واقعنا بالتضحية والمُثابرة، مُتسلّحين بالقوَّة والإرادة كي نتجاوز المِحن والتجارب، ونُعزِّز الحضور الإنساني في محيطه ونردُم الهوَّة بين أبناء المُجتمع”.
أشار إلى أن الجمعيّة تُطالب المسؤولين، وبمناسبة الحديث عن قرب صدور عفو عام، بتطبيق عدالة تساوي بين الناس، تنصف المظلوم والمهمّش وتنمي الإنسانية وتبني السلام. “العدالة الاجتماعية ممرّ الزامي لتبقى روح الأُخوّة فاعلةً في تضميد الجراح والآلام، أخوّة لا تعرف التمييز أو الانغلاق أو العزل بل تؤمّن التوازن والطمأنية والأمان والسلام الاجتماعي”.
ختم الأب بعقليني: “ينتظرُنا الربّ على عتبة باب اليوبيل، ينتظر الأطفال والسُّجناء والمجروحين، ينتظر المُسنّين وضحايا الغش والفساد، ينتظر الذين يعملون في حقل المحبّة والعطاء والتضحية في سبيل ارتقاء الإنسانيّة وتحريرها من الاضطهاد، ينتظر الذين يحملون النور والرجاء للبشر… لنفتح له، جميعًا من دون استثناء، قلوبنا حتى نبلُغ معه إلى السَّلام والعدالة”.