جدّي

Views: 93

د. جان توما

هذه ملاعب طفولتنا يا جدّي، أزقة أليفة وقناطر ومنعرجات. مرّ العمر من هنا  وما شعرنا بعبوره، الأننا كنا العابرين خفافًا إلى العالم من عالمنا الذي كنا فيه، أم أنّ الزمن سرقنا وكذلك السنين في غفلة عين؟.

تراصفت الأحياء العتيقة كما التاريخ حكاية حكاية، من سيرويها لكم،؟ روتها لنا جلسات البيوت القديمة، على ألسنة الجدّات والعمّات، قبل أن يرمي التنين ناره على عتبات المنازل، ويطيح بالياسمين، وجرّة الماء، والأبريق، وصنانير حياكة الصوف.

 

في هذا الحيّ، كان سبيل الماء يبلّل الظمأى، وفي حيّ ” المشتي” كان سبيل الماء مغسل الطالعين من ملح البحر، وكذلك سبيل الماء فوق الريح . أما سبيل ترب المسيحيّة، فكان لغسل اليدين بعد التهام عرنوس ذرة مشوي، أو “بليلة”، وغيرهما. ازدانت جدران المدينة بسبل الماء على مدخل خان التماثيلي ، ومقابل بيت آل أديب على مدخل ترب الإسلام. كانت ماء السبل الجارية ليل نهار، تسقي العطاش بنقطة ماء في طفولتنا، ثم وضعوا لها حنفيات لترشيدها، فتجفيفها، فإلغائها.

ابحثُ يا جدي عن قطرة ماء من سبيل الطفولة، فلا أقع إلّا على سراب، وأبحث عن مسرى الذكريات في الحيّ العتيق، فلا تقع عيناي على ذكرى أو على ملامح طفولة صديق.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *