سجلوا عندكم

الشيخ نهيان… وإنْ طال السفر!

Views: 955

د. جورج طراد

..أمّا وقد انتهت أيام الشهر الفضيل وبتنا عشيّة عيد الفطر السعيد، فإن قصر وزير التسامح في دولة الإمارات العربيّة المتحدة، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، سيشهد تغييرا في الحركة، نشاطا ومواعيد، يتناسب وأيام العيد السعيد حيث يتوافد المهنئون بالآلاف ليعبّروا لصاحب القصر عن احترامهم وأطيب تمنياتهم.

والحقيقة، أن قصر الشيخ نهيان بن مبارك كان يشهد منذ ما قبل الإفطار، وطوال أيام الشهر الفضيل، توافد عشرات الأصدقاء الحريصين على مشاركة سيّد القصر مائدة إفطاره. لا حاجة إلى دعوة خاصة، ذلك أن القصر العامر، كقلب سيّده، مفتوح لكل الناس. وهذا تقليد عريق نشأ عليه الشيخ نهيان منذ زمن والده، المغفور له الشيخ مبارك بن محمد، وهو يحافظ عليه بكل أمانة، وينقله بأصالة ومحبّة إلى أبنائه. وبالفعل فإن واحدا من الأبناء، وغالبا ما يكون الشيخ محمد بن نهيان، ينوب عن والده في حال كان هذا الأخير مرتبطا بمواعيد أخرى او استجدّ عليه أمر ما يضطره إلى الغياب المؤقت. أكثر من هذا، فإن الشيخ محمد يصطحب معه أحيانا نجليْه الصغيريْن فيعيشان الأجواء ويتشربان محبة الناس. هكذا ومن جيل إلى جيل، تظلّ الطقوسية نفسها ومحبة الزوار إياها وروح الضيافة العربية الأصيلة هي هي لا تتغيّر ولا تتبدّل.

  وفي كل يوم، بعد الإفطار، يتحلّق الضيوف حول سيّد القصر، يتجاذب معهم أطراف الحديث ويطّلع على أوضاعهم وهو يستقبل زواره. في هذا الوقت يكون مساعدو الشيخ نهيان يقومون بالواجب لجهة حسن الضيافة والترحيب. وعندما يحين موعد “صلاة التراويح” يتوجه الشيخ وضيوفه إلى مسجد القصر لتأدية الصلاة، فترتفع في حدائق القصر أصوات التكبير والبسملة والتسبيح ويشيع جو من الصفاء العام ليلفّ كلّ أرجاء المكان.

 

بعد الصلاة يرتشف الشيخ نهيان وضيوفه القهوة العربية الصافية ويحتسون الشاي الخاص، ثمّ يقوم كل منهم يستأذن سيّد المكان وينصرف. لكن الأمور اليوميّة، في الشهر الفضيل، لا تنتهي هنا. فهناك موعد بالغ الأهميّة، بالنسبة إلى أصدقاء الشيخ نهيان ومحبّيه – وهم كثر جدّا – يتجسّد في اللقاء الذي يقيمه في خيمته الرمضانيّة (“ليالي الحلمية” في فندق ” لو رويال ميريديان”).

  ومعظم روّاد الخيمة، كما ضيوف مائدة الإفطار والمجلس، يعرفون بعضهم بعضا، لأن هناك رابطا خفيّا، اسمه الوفاء، يجمعهم ويشدّهم إلى سيّد المكان. والحقيقة أنني، وطوال مدّة الثلاثين سنة التي أتردّد فيها على مجالس الشيخ نهيان الرمضانيّة، ألاحظ الوجوه نفسها من الرعيل المخضرم، من مواطنين ومقيمين، مع نسبة عالية من التجدّد في وجوه شابة متنوّعة الجنسيات. لا بل هناك مَنْ يحرص على توقيت زيارته إلى دولة الإمارات وجعلها في أيام الشهر الفضيل، وذلك كي يحافظ على روعة المشاركة في أيام الشيخ نهيان الرمضانيّة… كلّهم أصدقاء ومحبّون، يعرفون بعضهم ويتحادثون بوديّة ظاهرة، وكأن هناك خيطا سحريا يجمعهم، اسمه رابطة أصدقاء الشيخ نهيان.

مرّة جديدة، الأمور لا تنتهي هنا. فقصر الشيخ نهيان، بعد انتهاء لقاء الخيمة الرمضانيّة، مفتوح للأصدقاء والمحبين، من كل البلدان والمشارب والمعتقدات، يلتقون ليتسامروا ويتسلّوا حتى يحين موعد السحور حيث يتولى سيّد القصر بنفسه خدمة ضيوفه وأصدقائه بمحبّة عارمة وبابتسامة لا تفارق محيّاه..

  أنها أيام رمضانيّة عريقة في أصالتها لا يمكن لمن يعيشها مرّة في ربوع الشيخ نهيان أن ينساها، ولا بدّ له من أن يسعى جاهدا ليعود إليها.. ولو طال السفر!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *