أين أنت يا إنسان؟!
د. جويل رمزي فضّول
وسط ضجيج هذا العالم المشحون بالحقد والكراهية، هأنذا أجلس في البعيد أتأمّل بحسرة ولوعة حجارة القلوب المتكدّسة الّتي ترصّ بثقلها الإنسانيّة! فأرى عيونًا مُكحّلة بلهيب الانتقام ووجوهًا خربش عليها الحسد تجاعيده. أبحث في الأعماق عن بصيص أمل، عن طاقة صغيرة تُدخل نورًا روحيًّا إلى هذا الظّلام، علّه يسلّط الضّوء على تلك الآفات فيخجل أصحابها ويعملون على إصلاحها!
هأنذا ألملم نثار قلوب قضَت عليها الأذيّة وقطّعت شرايينها الغيرة. فأرى عيونًا دامِعة تخجل البكاء وشفاهًا مُبتسمة تأبى الاستسلام. أبحث في الأعماق عن عِلاج روحيّ يشفي بنضوجه العقول المتطفّلة، ويزيل بقع الادّعاءات والافتراءات عن جلد البشر!
هأنذا أسبح في بحار البشريّة، نسيت الخليقة فيها أن تُنقّي مياهها، فتركت ملح العداوة يحرق عيونًا كثيرة، ويُلهب جروحات عميقة. فأسمع أنينًا يستنجد الرّحمة، وآهاتٍ تُناجي اللّه، علّه يأخذ بتلك الأيادي الّتي تكاد تغرق نحو قعر البحار!
هأنذا أفتّش عنك يا أيّها الإنسان، أفتّش عنك بين البشر!
عساني أجدُ مَن لا ينتظر اللّحظة المناسبة للقضاء على المُحتاج.
عساني أجدُ مَن يمدّ يد المُساعدة من دون مقابل ولا حِساب.
عساني أجدُ مَن يُطعم القلوب الجائعة لقمة الرّحمة والحنان.
عساني أجدُ مَن يَشفي غليل الأرواح العطشى ماءَ المحبّة والعطاء.
هأنذا أتخبّط وسط كلّ تلك الأمواج، أفتّش عنك!
أين أنت يا أيّها الإنسان؟! أين أنت…