بائعة الأدمغة

Views: 682

منى دوغان جمال الدين

كانت دعاء تتمتم في ظلمة الليل، تدعو لابنتها بالنجاح في رسالتها الدكتوراه. سنوات طويلة مرت على ابنتها منال وهي غارقة في بحثها عن تنشيط خلايا الدماغ. كانت تذهب صباحا باكرا إلى المكتبة الوطنية، تقضي ساعات طويلة ولا تعود الا آخر المساء، لتستريح قليلا قبل أن تعود إلى زاويتها حيث كتب ومراجع تنتظرها. كانت لا تنام الا بعد أن يبهت نور القمر وتعلن السماء بزوغ الفجر.

في ذلك الليلة، وبينما كانت دعاء تناجي ربها، كانت منال تراقص عقارب الساعة، تغويها بصوتها الشجي لتسرع في دورانها وتدق ساعة تقرير المصير.

اتت الساعة، ودوى صوت في القاعة معلنا أن الرسالة وصلت والنجاح اقر. رفعت القبعات وانهالت التهنئات وعلت زغاريد الأمهات في الأحياء.

وبعد أن اطمأن قلب منال، اخذتها النشوة وراحت تسرح بأفكارها بعد أن تحقق حلمها. قالت في نفسها وبكل ثقة أنه من المؤكد أن الوظيفة في متناول يديها وان العروض ستنهال عليها كوابل المطر.

….. مر الشهر تلو الشهر والدكتورة منال تركض من مكان إلى مكان إلى أن أصابها احباط شديد بعد أن فقدت الامل في ايجاد وظيفة ملائمة لتحصيلها العلمي.

وفي غمرة اليأس، اتتها إحدى الزميلات، فشلت في دراستها، تعرض عليها فكرة كتابة رسالة ماجيستير مقابل مبلغ مالي مغري. ترددت منال… هل ترضى أن تبيع ضميرها حتى لو كان العرض لا يمكن رفضه؟

وبعد طول تفكير وافقت معتقدة انها لن تتكرر في المستقبل وأنها بالتأكيد ستصل لمبتغاها عما قريب.

ومرت الايام والشهور، والوظيفة في خبر كان، وعروض كتابة تقارير لطلاب ورسائل دكتوراه وماجستير تنتظر الرد من منال.

في آخر الامر، استسلمت منال للواقع ووافقت على العروض ووضعت رسم مقابل عدد الصفحات، فالصفحة بنصف درهم والخمسون بخمسة وعشرين درهم. واذا تعدت المئة فالمبلع يضاعف.

وهكذا تحولت منال من حالمة الى تاجرة، من طالبة ارست أسس تنشيط خلايا الدماغ الى بائعة أدمغة…

وتسألوني عن الضمير؟؟!!!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *