ذكرى مرور 50 عاما على أول خطوة للإنسان على سطح القمر

Views: 8

تتذكر البشرية ذلك الإنجاز التاريخي الذي حبس أنفاس نصف مليار شخص عبر العالم في 20 يوليو/تموز 1969، حيث خطا الإنسان أول خطوة له على سطح القمر، ما مهد لاحقا لإطلاق مهام باتت غير محدودة لغزو الفضاء وسبر أغواره.

فقد أحيا العالم يوم السبت (20 الجاري) الذكرى السنوية الخمسين لهبوط الإنسان للمرة الأولى على سطح القمر عبر مهمة “أبولو 11” التي ضمت نيل أرمسترونغ وباز ألدرين ومايكل كولينز، في إنجاز تاريخي حبس أنفاس نصف مليار شخص تسمروا على شاشاتهم لمتابعة هذه “الوثبة العملاقة” للبشرية.

وحطت الوحدة القمرية المسماة “إل إي إم” والملقبة “إيغل”، عند الساعة 20:17 بتوقيت غرينيتش من مساء 20 يوليو/تموز 1969. وبعد أقل من ست ساعات، عند الساعة 02:56 ت غ، وطأ نيل أرمسترونغ بقدمه اليسرى القمر ونطق بجملته الشهيرة “إنها خطوة صغيرة لإنسان لكنها وثبة عملاقة للبشرية”.

وعملت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) كخلية نحل منذ أسابيع تحضيرا لإحياء هذه الذكرى، مع عدد كبير من المعارض والأحداث خصوصا في مركزي كينيدي الفضائي في فلوريدا وجونسون في هيوستن بولاية تكساس.

رؤية الأرض بعيون قمرية!

وبالرغم من أنه على مشارف التاسعة والثمانين من العمر، لا يزال مايكل كولينز نشطا بشدة في الاحتفالات والمناسبات المخصصة لذكرى مهمة “أبولو 11″، كما يظهر شاعرية كبيرة في استحضار ذكريات الرحلة إلى القمر.

وقال الطيار ورائد الفضاء السابق خلال مؤتمر في “جامعة جورج واشنطن” في العاصمة الأميركيّة “عندما ذهبنا ورأيناه بأم العين، يا لهذا الفضاء المذهل”. وروى قائلا “الشمس كانت خلف القمر، كان مضاء بحلقة مذهبة كانت تجعل شكل الحفر غريبا جدا بسبب التباين بين الأكثر بياضا بين البيض، والأكثر سوادا بين السود”.

وتابع “غير أن ذلك المشهد، على عظمته وجماله، لا يذكر أمام ما كنا نراه من النافذة الأخرى. هناك، كنا نرى تلك الحبة الصغيرة بحجم إبهام اليد، ذاك الشيء الصغير الرائع في الأسود المخملي لباقي الكون”. مضيفا “لقد قلت لغرفة التحكم: ’هيوستن، أنا أرى العالم من نافذتي‘”.

هذه الرسالة الموجهة من مايكل كولينز يتشاطرها كثر ممن خرجوا إلى مدار الأرض، وهي أن غزو الفضاء يغير نظرة البشر إلى الأرض. وقال رائد الفضاء السابق “كوكبنا هش”.

أعرب كولينز صراحة خلال لقاء في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض عن تأييده لموقف ترامب بضرورة إعطاء الأولوية لإرسال مهمة مباشرة نحو المريخ من دون العودة إلى القمر.

هبوط الإنسان على القمر

انطلقت المركبة “أبولو 11” على متن الصاروخ “ساتورن 5” في التاسعة والنصف صباحا يوم السادس عشر من تموز/يوليو 1969، وفي العشرين من ذات الشهر، أي قبل 50 عاما كاملة، أصبحت مهمة “أبولو 11” تاريخية، إذ نجح الإنسان من خلالها في الوقوف والسير على سطح القمر للمرة الأولى. وكانت الرحلة بقيادة رائد الفضاء نيل آرمسترونغ، وبمشاركة رائدي الفضاء إدوين ألدرين، ربان المركبة القمرية، ومايكل كولينز، ربان المركبة الرئيسية.

وأبهر رائدا الفضاء آرمسترونغ وألدرين العالم، آنذاك، عندما ظهرا على شاشات التلفزيون وهما يقفزان على سطح القمر، وهي اللحظة التي شاهدها نحو 600 مليون إنسان من جميع أنحاء العالم.

وعاد رواد الفضاء إلى الأرض محملين بنحو 21 كيلوغراما من الصخور وعينات من التربة القمرية، لتتم دراستها على الأرض.

ونجح أرمسترونغ في المشي على سطح القمر ونصب العلم الأميركي هناك، إلا أن المركبة القمرية التي هبط بها على القمر أسقطت العلم خلال إقلاعها للعودة إلى الأرض، إلا أن أرمسترونغ كان قد التقط صورا للعلم قبل أن يسقط.

صانعو التاريخ

مايكل كولينز: ولد في 30 أكتوبر 1930 في روما بإيطاليا، وكان طيارا بسلاح الجو الأميركي قبل التحاقه بناسا كرائد فضاء. قام برحلتين للفضاء، الأولى بالمركبة جيميني 10، والثانية وهي الأكثر شهرة وكانت أول رحلة للهبوط على القمر في أبولو 11.

باز ألدرين: كان ربان المركبة القمرية، وهو ثاني رجل يهبط على سطح القمر، وذلك بعد مرور ثلث ساعة من هبوط نيل آرمسترونغ، وبذلك فهو ثاني رائد فضائي تطأ قدماه أرض القمر، وقام آرمسترونغ بتصويره تلفزيونيا أثناء نزوله من المركبة الفضائية وسيره على سطح القمر.

نيل أرمسترونغ: يعتبر أرمسترونغ أول شخص يمشي على سطح القمر، وهو كزميله كولينز، تولى قيادة الرحلة الفضائية “جيميني 8” في العام 1966، ثم قام برحلته الشهيرة مع أبولو 11، وكان قائدا لها، وهو قائل العبارة الشهيرة “خطوة صغيرة للإنسان وقفزة هائلة للبشرية”، وذلك عندما وطأت قدمه أرض القمر.

خطاب تعزية

وتم تجهيز خطاب للرئيس الأميركي حينها، ريتشارد نيكسون، ليلقيه على الشعب في حال فشل الرواد في العودة إلى الأرض، وذلك بعد أن يتصل هاتفيا بزوجتي الرائدين اللذين هبطا على القمر لتعزيتهما.

وجاء في الخطاب، الذي لحسن الحظ لم يضطر نيكسون لإلقائه: “القدر قضى بأن الرجال الذين ذهبوا إلى القمر لاستكشافه بسلام، أن يرقدوا هناك بسلام”.

وأضاف: “هؤلاء الرجال الشجعان.. نيل أرمسترونغ وإدوين ألدرين يعلمون أنه لا أمل في إرجاعهم، لكنهم يعلمون أيضا أن هناك أمل للبشرية من خلال تضحياتهم”.

العلم الأميركي لم يصمد

نجح أرمسترونغ في المشي على سطح القمر ونصب العلم الأميركي هناك، إلا أن المركبة القمرية التي هبط بها على القمر أسقطت العلم خلال إقلاعها للعودة إلى الأرض. ومن حسن الحظ أن أرمسترونغ التقط صورا للعلم قبل أن يسقط.

وفي المقابل، كشف المهندس البريطاني كيث رايت، الذي كان يعمل في مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا كجزء من فريق العمل بمهمة أبولو 11، أنه زرع “علم المملكة المتحدة الصغير” على القمر.

رائد الفضاء مايكل كولينز

 

وقال رايت إن كلا من أرمسترونغ وألدرين دخلا إلى مركز كينيدي الفضائي لإجراء تمرينات وللتحضير للمهمة، مضيفا أنهما عرضا عددا من الألواح الشمسية التي كانوا سيزرعونها على سطح القمر، وفي تلك اللحظة، قرر الفريق جميعا التوقيع بأسمائهم على تلك الألواح.

وأشار رايت في مقابلة ضمن برنامج “ذي ون شو”: “حصلنا على قلم ووقعنا أسماءنا على حزمة الألواح، وعندما جاء دوري اعتقدت أنه من الأفضل لو أوقع بالحرفين “يو كاي” (المملكة المتحدة)”، مضيفا: “أردنا أن نعطي البريطانيين بعض الفضل، لذا اعتقدت أنه من الأفضل رسم علم المملكة المتحدة وهو ما فعلته، حيث رسمت علما صغيرا لبريطانيا على أحد الألواح التي ستنقل إلى القمر”. وتابع: “زرع رواد الفضاء العلم الأميركي أولا، قبل لحظات فقط من وضع رزمة الألواح الشمسية وبينها علم بلدي”.

وفي الوقت الذي سقط فيه العلم الأميركي أثناء إقلاع المركبة القمرية، فإن العلم البريطاني الصغير بقي صامدا.

هل لوثت “أبولو 11” الأرض بـ”جراثيم القمر”؟

يعتقد رواد الفضاء أن رحلة “أبولو 11” إلى القمر ربما تسببت بتلويث كوكب الأرض بجراثيم قمرية، مشيرين إلى أنه خطأ ما قد وقع خلال الهبوط على سطح القمر ربما نجم عنه نقل جراثيم قمرية إلى الأرض.

وبعد عودة رواد الفضاء الثلاثة، الذين شاركوا في رحلة أبولو 11 إلى القمر قبل 50 عاما، عملت وكالة الفضاء الأميركية ناسا بجهد لضمان عدم انتقال أي جراثيم من القمر إلى الأرض.

وعمدت ناسا، بعد عودتهم مباشرة إلى الأرض، إلى تنظيف طاقم أبولو 11 الثلاثة وإعطائهم ملابس جديدة ونقلهم إلى منشأة للحجر الصحي، حيث ظلوا فيها حتى تأكد أن الأرض لم تتلوث بجراثيم قمرية.

غير أن مقابلات تلفزيونية سابقة أجريت معهم من أجل فيلم وثائقي جديد قامت به شبكة “بي بي أس” الأميركية وكشفه موقع “سبيس دوت كوم” أظهر أن خطة حماية الأرض ربما تكون قد أخفقت أو فشلت بسهولة، وأن أي جراثيم أو ميكروبات فضائية ربما تكون قد دخلت في الغلاف الجوي للأرض رغم جهود ناسا الكبيرة للحيلولة دون ذلك.

ووفقا للمقابلات، أشار رواد الفضاء أن الاعتقاد لدى ناسا هو عدم وجود أي شيء حي على القمر، وبالتالي فإنه لا يمكن أن يتم جلب أي شيء إلى سطح الأرض، ومع ذلك اعتمدت خطة ناسا الاحترازية والوقائية على وجود ميكروبات وجراثيم قمرية.

ومع ذلك، يقول رائد الفضاء الثالث مايكل كولينز إن كل الجهود التي بذلتها كان من الممكن التخلي عنها بمجرد العودة والهبوط على الأرض.

وقال كولينز “انظر إلى الأمر من هذه الناحية.. لنفترض أنه كان هناك جراثيم على القمر.. هناك جراثيم على القمر ونحن عدنا إلى الأرض، أصبحت قمرة القيادة مليئة بالجراثيم القمرية، وهبطت القمرة في مياه المحيط الهادئ، فماذا تفعل؟ تم فتح الكوة، عليك أن تفتحها للخروج من المركبة.. بالتأكيد إذا كانت هناك جراثيم فإنها ستخرج على الفور”.

وتطرق باز ألدرين إلى النقطة نفسها.. وقال إن رجال الإنقاذ قاموا بتنظيفه بخرقة قماش، ثم رموا تلك الخرقة في مياه المحيط على الفور. وأضاف ضاحكا: “بالتأكيد، كل تلك الجراثيم انتقلت إلى قاع المحيط.. أتساءل ما إذا كانت تلك الجراثيم مازالت حية تحت الماء”؟

نظرية “مؤامرة الهبوط على القمر”

في المقابل، يشكك أصحاب نظرية المؤامرة في كل الروايات المتعلقة بهبوط الإنسان على القمر، وبينهم من يقدِّم ما يعتبره “دليلا قاطعا” لتأييد ما يذهبون إليه، في أن أعظم اختراق فضائي في القرن الماضي لم يحدث.

سابقا، تحدثوا عن مكان على الأرض يشبه سطح القمر، وتحدثوا أيضا عن العلم الذي تمت زراعته على سطح القمر، معززين نظرية المؤامرة بوجود رياح تحرك العلم، وهو أمر غير متاح على القمر.

هذه المرة قدموا حجتهم معززة بصورتين أساسيتين، تكشفان عدم صحة نظرية الهبوط على القمر.

الأولى هي لبصمة حذاء رائد الفضاء نيل أرمسترونغ التي تمثل “أول خطوة على القمر” في العشرين من تموز/يوليو 1969.

وقام أصحاب نظرية المؤامرة بعمليات بحث وفحص وتمحيص في أرشيف متحف “سميثسونيان” للأجواء القومية والفضاء، حيث عثروا على صور تبين الملابس أو البذلة التي ارتداها رائد الفضاء أرمسترونغ، عندما هبط على القمر، بما فيها “الحذاء”.

وبالنظر إلى صورة الحذاء، من الأسفل، يتبين أنه أملس من دون مقابض لمنع الانزلاق، وفقا لما ذكرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية.

وكما يتضح من الصورتين، فإن بصمة الحذاء على القمر تختلف كليا عن الحذاء الذي ارتداه أرمسترونغ.

على أي حال، رغم الدليل الذي يستند إليه أصحاب نظرية المؤامرة، فإن ما يقولونه غير صحيح على الإطلاق.

صحيح أن ما في الصورة الثانية يبين كل الملابس التي ارتداها رائد الفضاء، لكن هناك تجهيزات أخرى مساعدة، وتحديدا تلك التجهيزات التي يرتدونها فوق الحذاء الأصلي، والمقصود تلك الأحذية المطاطية العازلة، وهي التي صنعت البصمة على سطح القمر.

الأمر الثاني، أن بصمة الحذاء على سطح القمر لا تعود لأرمسترونغ وإنما لرائد الفضاء الآخر، وهو باز ألدرين.

أخيرا، فإن عدم وجود تلك الأجهزة المساعدة في المتحف، إنما يعود لأن رواد الفضاء تركوها على القمر، بما فيها عدسات كاميرات التلفزة وبعض السوائل التي كانوا يحملونها معهم.

ثلاثة رواد يصلون إلى محطة الدولية

وصل ثلاثة من رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية في وقت مبكر من يوم الأحد  (21 تموز/يوليو، مع احتفال وكالة “ناسا” بالذكرى الخمسين للهبوط على القمر.

ودخل رواد الفضاء الإيطالي لوكا بارميتانو، والأميركي أندرو مورغان، والروسي ألكسندر سكفورتسوف، إلى المحطة المدارية في الموعد المحدد بعد رحلة استغرقت حوالي ست ساعات بعد انطلاقها من قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان. وسيتولى بارميتانو قيادة المحطة الفضائية خلال النصف الثاني من مهمته التي تستمر ستة أشهر، وسيصبح أول إيطالي يتولى قيادة المحطة على الإطلاق. وقد عمل رائد الفضاء الإيطالي البالغ من العمر 42 عامًا، بالفعل في محطة الفضاء الدولية في عام 2013. (www.hikeaddicts.com) وفي إحدى المراحل خلال تلك الفترة ، غرق تقريبا في بزته الفضائية بسبب تجمع المياه في خوذته أثناء سيره في الفضاء. 

وبوصول الرواد الثلاثة الجدد، أكتملت قوة محطة الفضاء الدولية، التي يتكون طاقمها من ستة أفراد، حيث انضموا إلى رواد الفضاء الأميركيين كريستينا كوتش ونيك لاهاي والروسي أليكسي أوفشينين، حيث كانوا يعيشون ويعملون في الفضاء لمدة 130 يومًا تقريبا. وسيمضي رواد الفضاء الستة أكثر من ستة أشهر في إجراء نحو 250 بحثًا علميًا في مجالات مثل البيولوجيا وعلوم الأرض والبحوث الانسانية والعلوم الفيزيائية وتطوير التكنولوجيا.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *