​نجوى حريق… قلبها سماء!

Views: 762

سمر الخوري

رسمت قلبي على ورقة

ظلّ ينزف

البسته ظلّي

تمدّد نزفه حتّى بلّل قدميّ

جرّبت اللون الاحمر

انتفض…

محوته…

تربّع على عرش الورقة

ابيض ناصعاً ..

لا يطيق الخدوش

والالوان

والزوايا المستديرة

يكره الزمان

و المكان

والأطر السوداء …

​نجوى حريق

****

قلبي سمااااء

كبرياء السماء

قلبي سماء. والسماء لقاء بين عالمين:عالم البوح وعالم الرجاء. والبوح محو وكتابة، بياض في سواد، أو سواد في بياض. ما هم، ما دام بياض القلب يدبج حبر العيون ودمع الكلمات. ألوان القلب تتمدد بين أحمر الوجد، وأبيض الدمعات.والدمع هائمة قبلاته على ثغر المسافات.

أحمر أبيض أسود مراحل حياة امرأة .والمرأة تعلن موتها، في غفلة من الزمن. هو موت أرادته عقابا لجرح دامٍ بفعل انسحاق داخلي.

أحمر الكتابة/الجرح/الشعر على أبيض الورقة/البوح/الحياة. وتبدأ عملية محو الكتابة. يعود البياض إلى التجلي. ولكنه بياض القبر  الذي يستطيع، وحده، إنهاء الشعور بإثم الكتابة. والنتيجة سواد، عودة الحبر الى التجلي، خلف واقع القلب المنكسر بدموع الزمان والمكان. النتيجة سواد بمنزلة ثقب أسود في سماء كينونة تائهة بين أمسها والغد.

قلبي سماء . والسماء شموخ وسواد . سماء مكفهرة بكمال السكون. ولا ندري أتكون السماء مكانا أم حالة، أم رحلة إلى أبعد من إطار السواد والبياض؟

البياض والسواد وجهان لعملة واحدة هي الموت. والموت في شعر نجوى شدياق حريق   ذو بعد توراتي، لأنه عاقبة للخطيئة/اللون الأحمر/الدم.

والأحمر لون التجربة/التفاحة/ الإغواء  يفيض من ماض سحيق. تمحوه الشاعرة تأكيدا لرفض واقع أزلي . والواقع ينتفض على افتراضية الألوان المتخاصمة والمنكسرة على مرايا الشوق الثرثار.. ولعل نفي الألوان والخدوش  يساوي بين عنصرين متوازيين.أما رفض تدوير الزوايا فهو حدث يتشكل في فكر الشاعرة حريق قاعدة أساس لرفض الوجود المتمثل في عنصريه : الزمان والمكان. إنه الصراع الأزلي بين الكينونة والعدم. صراع المحو والكتابة في بوتقة الذات. صراع الحقيقة والظلال في الكهف الأفلاطوني حيث الظل نزيف والنور انتفاضة الجرح على الموت. ولعل البياض يتشكل في عودة لا واعية إلى الهيولى، إلى الذات التي وصفها الشاعر الأديب الفرنسي جان جاك روسو بالطاهرة والنقية ولكن المجتمع يفسدها.

ويتجدد الصراع بين الماضي والمستقبل. فالماضي المسيطر على الأفعال يقابله مستقبل النزف المستمر (ظل ينزف) والرفض(لا يطيق) والكره. فالشاعرة محت ماضيها وأنكرت مستقبلها، معلنة رفض الزمان والمكان. فهما اطاران أسودان يضيقان على الشاعرة في سعيها إلى النور المطلق.

سيدتي الشاعرة حريق، الرسم بالكلمات حالة كل شاعر يبحث عن جرحه القديم. عرشك نقاء السماء. قلبك الطهر الناصع في سواد الواقع . فاغرفي من حبر القلب ما يشعل وريقات العمر بكبرياء الحقيقة.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *